القول في تأويل
قوله تعالى : ( ومزاجه من تسنيم ( 27 )
عينا يشرب بها المقربون ( 28 )
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ( 29 ) ) .
يقول تعالى ذكره : ومزاج هذا الرحيق من تسنيم; والتسنيم : التفعيل من قول القائل : سنمتهم العين تسنيما : إذا أجريتها عليهم من فوقهم ، فكان معناه في هذا الموضع : ومزاجه من ماء ينزل عليهم من فوقهم فينحدر عليهم . وقد كان
مجاهد والكلبي يقولان في ذلك كذلك .
[ ص: 300 ]
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( تسنيم ) قال : تسنيم : يعلو .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الكلبي ، في قوله : ( تسنيم ) قال : تسنيم ينصب عليهم من فوقهم ، وهو شراب المقربين . وأما سائر أهل التأويل ، فقالوا : هو عين يمزج بها الرحيق لأصحاب اليمين ، وأما المقربون ، فيشربونها صرفا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
الأعمش ، عن
عبد الله بن مرة ، عن
مسروق ، عن
عبد الله في قوله : (
من تسنيم ) قال : عين في الجنة يشربها المقربون ، وتمزج لأصحاب اليمين .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
عبد الله بن مرة ، عن
مسروق ، عن
عبد الله (
ومزاجه من تسنيم ) قال : يشربه المقربون صرفا ، ويمزج لأصحاب اليمين .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مالك بن الحارث ، عن
مسروق (
ومزاجه من تسنيم ) قال : عين في الجنة يشربها المقربون صرفا ، وتمزج لأصحاب اليمين .
قال ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
عبد الله بن مرة ، عن
مسروق (
عينا يشرب بها المقربون ) قال : يشرب بها المقربون صرفا ، وتمزج لأصحاب اليمين .
حدثني
طلحة بن يحيى اليربوعي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، عن
منصور ، عن
مالك بن الحارث ، في قوله : (
ومزاجه من تسنيم ) قال :
في الجنة عين يشرب منها المقربون صرفا ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
أبو حمزة ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون ) صرفا ، ويمزج فيها لمن دونهم .
[ ص: 301 ]
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مالك بن الحارث ، في قوله : (
ومزاجه من تسنيم ) قال : التسنيم : عين في الجنة يشربها المقربون صرفا ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
أبو حمزة ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، قوله (
ومزاجه من تسنيم ) قال : عين يشرب بها المقربون ، ويمزج فيها لمن دونهم .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون ) عينا من ماء الجنة تمزج به الخمر .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، عن
الحسن ، في قوله : (
ومزاجه من تسنيم ) قال : خفايا أخفاها الله لأهل الجنة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
عمران بن عيينة ، عن
إسماعيل ، عن
أبي صالح ، في قوله : (
ومزاجه من تسنيم ) قال : هو أشرف شراب في الجنة . هو للمقربين صرف ، وهو لأهل الجنة مزاج .
حدثني
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
ومزاجه من تسنيم ) شراب شريف ، عين في الجنة يشربها المقربون صرفا ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثني
يونس . قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
من تسنيم عينا يشرب بها المقربون ) قال : بلغنا أنها عين تخرج من تحت العرش ، وهي مزاج هذه الخمر ، يعني مزاج الرحيق .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
من تسنيم ) شراب اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب . فتأويل الكلام : ومزاج الرحيق من عين تسنم عليهم من فوقهم ، فتنصب عليهم (
يشرب بها المقربون ) من الله صرفا ، وتمزج لأهل الجنة .
واختلفت أهل العربية في وجه نصب قوله : ( عينا ) قال بعض نحويي
البصرة : إن شئت جعلت نصبه على يسقون عينا ، وإن شئت جعلته مدحا ، فيقطع من أول الكلام ، فكأنك تقول : أعني عينا .
[ ص: 302 ]
وقال بعض نحويي
الكوفة : نصب العين على وجهين : أحدهما : أن ينوى من تسنيم عين ، فإذا نونت نصبت ، كما قال : (
أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ) وكما قال : (
ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء ) . والوجه الآخر : أن ينوى من ماء سنم عينا ، كقولك : رفع عينا يشرب بها . قال : وإن لم يكن التسنيم اسما للماء فالعين نكرة ، والتسنيم معرفة ، وإن كان اسما للماء فالعين نكرة فخرجت نصبا . وقال آخر من البصريين : (
من تسنيم ) معرفة ، ثم قال : ( عينا ) فجاءت نكرة ، فنصبتها صفة لها . وقال آخر : نصبت بمعنى : من ماء يتسنم عينا .
والصواب من القول في ذلك عندنا أن التسنيم اسم معرفة والعين نكرة ، فنصبت لذلك إذ كانت صفة له .
وإنما قلنا : ذلك هو الصواب لما قد قدمنا من الرواية عن أهل التأويل ، أن التسنيم هو العين ، فكان معلوما بذلك أن العين إذ كانت منصوبة وهي نكرة ، وأن التسنيم معرفة .
وقوله : ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ) يقول تعالى ذكره : إن الذين اكتسبوا المآثم ، فكفروا بالله في الدنيا ، كانوا فيها من الذين أقروا بوحدانية الله ، وصدقوا به ( يضحكون ) ، استهزاء منهم بهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ) في الدنيا ، يقولون : والله إن هؤلاء لكذبة ، وما هم على شيء استهزاء بهم .