القول في تأويل
قوله تعالى : ( وإذا مروا بهم يتغامزون ( 30 )
وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ( 31 )
وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ( 32 )
وما أرسلوا عليهم حافظين ( 33 ) )
[ ص: 303 ]
يقول تعالى ذكره : وكان هؤلاء
الذين أجرموا إذا مر الذين آمنوا بهم يتغامزون ; يقول : كان بعضهم يغمز بعضا بالمؤمن ، استهزاء به وسخرية .
وقوله : ( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين ) يقول : وكان هؤلاء المجرمون إذا انصرفوا إلى أهلهم من مجالسهم انصرفوا ناعمين معجبين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ( انقلبوا فاكهين ) قال : معجبين .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : ( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين ) قال : انقلب ناعما ، قال : هذا في الدنيا ، ثم أعقب النار في الآخرة .
وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يفرق بين معنى فاكهين وفكهين ، فيقول : معنى فاكهين : ناعمين ، وفكهين : مرحين . وكان غيره يقول : ذلك بمعنى واحد ، وإنما هو بمنزلة طامع وطمع ، وباخل وبخل .
وقوله : (
وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ) يقول تعالى ذكره : وإذا رأى المجرمون المؤمنين قالوا لهم : إن هؤلاء لضالون عن محجة الحق ، وسبيل القصد (
وما أرسلوا عليهم حافظين ) يقول جل ثناؤه : وما بعث هؤلاء الكفار القائلون للمؤمنين (
إن هؤلاء لضالون ) حافظين عليهم أعمالهم . يقول : إنما كلفوا الإيمان بالله ، والعمل بطاعته ، ولم يجعلوا رقباء على غيرهم يحفظون عليهم أعمالهم ويتفقدونها .