القول في تأويل
قوله تعالى : ( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ( 35 )
هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ( 36 ) )
يقول تعالى ذكره : ( فاليوم ) وذلك يوم القيامة ( الذين آمنوا ) بالله في الدنيا (
من الكفار ) فيها (
يضحكون على الأرائك ينظرون ) يقول : على سررهم التي في الحجال
[ ص: 304 ] ينظرون إليهم وهم في الجنة ، والكفار في النار يعذبون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) قال : يعني السرر المرفوعة عليها الحجال . وكان
ابن عباس يقول : إن السور الذي بين الجنة والنار يفتح لهم فيه أبواب ، فينظر المؤمنون إلى أهل النار ، والمؤمنون على السرر ينظرون كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، فيكون ذلك مما أقر الله به أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ) ذكر لنا أن
كعبا كان يقول : إن بين الجنة والنار كوى ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا ، اطلع من بعض الكوى ، قال الله جل ثناؤه : (
فاطلع فرآه في سواء الجحيم ) أي : في وسط النار ، وذكر لنا أنه رأى جماجم القوم تغلي .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قال
كعب : إن بين أهل الجنة وبين أهل النار كوى ، لا يشاء رجل من أهل الجنة أن ينظر إلى غيره من أهل النار إلا فعل .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) كان
ابن عباس يقول : السور بين أهل الجنة والنار ، فيفتح لأهل الجنة أبواب ، فينظرون وهم على السرر إلى أهل النار كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، ويكون ذلك مما أقر الله به أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ) قال : يجاء بالكفار حتى ينظروا إلى أهل الجنة في الجنة على سرر ، فحين ينظرون إليهم تغلق دونهم الأبواب ، ويضحك أهل الجنة منهم ، فهو قوله : (
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ) .
[ ص: 305 ] وقوله : ( هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) يقول تعالى ذكره : هل أثيب الكفار وجزوا ثواب ما كانوا في الدنيا يفعلون بالمؤمنين من سخريتهم منهم ، وضحكهم بهم بضحك المؤمنين منهم في الآخرة ، والمؤمنون على الأرائك ينظرون ، وهم في النار يعذبون .
و ( ثوب ) فعل من الثواب والجزاء ، يقال منه : ثوب فلان فلانا على صنيعه ، وأثابه منه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) قال : جزي .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان : (
هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) حين كانوا يسخرون .
آخر تفسير سورة ويل للمطففين .