القول في
تأويل قوله تعالى : ( إذ هم عليها قعود ( 6 )
وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ( 7 )
وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ( 8 ) ) .
يقول تعالى ذكره : النار ذات الوقود ؛ إذ هؤلاء الكفار من أصحاب الأخدود عليها ، يعني على النار ، فقال : عليها ، والمعنى : أنهم قعود على حافة الأخدود ، فقيل : على النار ، والمعنى : لشفير الأخدود ، لمعرفة السامعين معناه .
وكان
قتادة يقول في ذلك ما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود ) يعني بذلك المؤمنين ، وهذا التأويل الذي تأوله
قتادة على مذهب من قال : قتل أصحاب الأخدود من أهل الإيمان .
وقد دللنا على أن الصواب من تأويل ذلك غير هذا القول الذي وجه تأويله
قتادة قبله .
وقوله : ( وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) يعني : حضور .
[ ص: 343 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) يعني بذلك الكفار .
وقوله : (
وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله ) يقول تعالى ذكره : وما وجد هؤلاء الكفار الذين فتنوا المؤمنين على المؤمنين والمؤمنات بالنار في شيء ، ولا فعلوا بهم ما فعلوا بسبب ، إلا من أجل أنهم آمنوا بالله ، وقال : (
إلا أن يؤمنوا بالله ) لأن المعنى إلا إيمانهم بالله ، فلذلك حسن في موضعه ( يؤمنوا ) ، إذ كان الإيمان لهم صفة ( العزيز ) . يقول : الشديد في انتقامه ممن انتقم منه ( الحميد ) يقول : المحمود بإحسانه إلى خلقه .