[ ص: 349 ] [ ص: 350 ] [ ص: 351 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : (
والسماء والطارق ( 1 )
وما أدراك ما الطارق ( 2 )
النجم الثاقب ( 3 )
إن كل نفس لما عليها حافظ ( 4 )
فلينظر الإنسان مم خلق ( 5 )
خلق من ماء دافق ( 6 )
يخرج من بين الصلب والترائب ( 7 )
إنه على رجعه لقادر ( 8 )
يوم تبلى السرائر ( 9 )
فما له من قوة ولا ناصر ( 10 ) ) .
أقسم ربنا بالسماء وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة ، ويخفى نهارا ، وكل ما جاء ليلا فقد طرق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
والسماء والطارق ) قال : السماء وما يطرق فيها .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق ) قال : طارق يطرق بليل ، ويخفى بالنهار .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( والطارق ) قال : ظهور النجوم ، يقول : يطرقك ليلا .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : ( الطارق ) النجم .
(
وما أدراك ما الطارق ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 352 ] وما أشعرك يا
محمد ما الطارق الذي أقسمت به ، ثم بين ذلك جل ثناؤه ، فقال : هو النجم الثاقب ، يعني : يتوقد ضياؤه ويتوهج .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
النجم الثاقب ) يعني : المضيء .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
النجم الثاقب ) قال : هي الكواكب المضيئة ، وثقوبه : إذا أضاء .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة ، في قوله : (
النجم الثاقب ) قال : الذي يثقب .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : ( الثاقب ) قال : الذي يتوهج .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة : ثقوبه : ضوءه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
النجم الثاقب ) : المضيء .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
النجم الثاقب ) قال : كانت العرب تسمي الثريا النجم ، ويقال : إن الثاقب النجم الذي يقال له زحل . والثاقب أيضا : الذي قد ارتفع على النجوم ، والعرب تقول للطائر - إذا هو لحق ببطن السماء ارتفاعا - : قد ثقب ، والعرب تقول : أثقب نارك ؛ أي : أضئها .
وقوله : (
إن كل نفس لما عليها حافظ ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه من قراء
المدينة أبو جعفر ، ومن قراء
الكوفة حمزة ( لما عليها ) بتشديد الميم . وذكر عن
الحسن أنه قرأ ذلك كذلك .
حدثني
أحمد بن يوسف ، قال : ثنا
أبو عبيد ، قال : ثنا
حجاج ، عن
هارون ، عن
الحسن أنه كان يقرؤها (
إن كل نفس لما عليها حافظ ) مشددة ، ويقول : إلا عليها حافظ ، وهكذا كل شيء في القرآن بالتثقيل . وقرأ ذلك من
أهل المدينة نافع ، ومن
أهل [ ص: 353 ] البصرة أبو عمرو : ( لما ) بالتخفيف ، بمعنى : إن كل نفس لعليها حافظ ، وعلى أن اللام جواب " إن " و " ما " التي بعدها صلة . وإذا كان ذلك كذلك لم يكن فيه تشديد .
والقراءة التي لا أختار غيرها في ذلك التخفيف ؛ لأن ذلك هو الكلام المعروف من كلام العرب ، وقد أنكر التشديد جماعة من أهل المعرفة بكلام العرب ; أن يكون معروفا من كلام العرب ، غير أن الفراء كان يقول : لا نعرف جهة التثقيل في ذلك ، ونرى أنها لغة في هذيل ، يجعلون " إلا " مع " إن المخففة " : لما ، ولا يجاوزون ذلك ، كأنه قال : ما كل نفس إلا عليها حافظ ، فإن كان صحيحا ما ذكر الفراء من أنها لغة هذيل ، فالقراءة بها جائزة صحيحة ، وإن كان الاختيار أيضا - إذا صح ذلك عندنا - القراءة الأخرى وهي التخفيف ; لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب ، ولا ينبغي أن يترك الأعرف إلى الأنكر .
وقد حدثني
أحمد بن يوسف ، قال : ثنا
أبو عبيد ، قال : ثنا
معاذ ، عن
ابن عون ، قال : قرأت عند
ابن سيرين : (
إن كل نفس لما عليها حافظ ) فأنكره ، وقال : سبحان الله ، سبحان الله .
فتأويل الكلام إذن : إن كل نفس لعليها حافظ من ربها ، يحفظ عملها ، ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
إن كل نفس لما عليها حافظ ) قال : كل نفس عليها حفظة من الملائكة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
إن كل نفس لما عليها حافظ ) : حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك ، إذا توفيته يا بن آدم قبضت إلى ربك .
وقوله : ( فلينظر الإنسان مم خلق )
يقول تعالى ذكره : فلينظر الإنسان المكذب بالبعث بعد الممات ، المنكر قدرة الله على إحيائه بعد مماته ، (
مم خلق ) يقول : من أي شيء خلقه ربه ، ثم أخبر جل ثناؤه عما خلقه منه ، فقال :
[ ص: 354 ] (
خلق من ماء دافق ) يعني : من ماء مدفوق ، وهو مما أخرجته العرب بلفظ فاعل ، وهو بمعنى المفعول ، ويقال : إن أكثر من يستعمل ذلك من أحياء العرب سكان
الحجاز إذا كان في مذهب النعت ، كقولهم : هذا سر كاتم وهم ناصب ، ونحو ذلك .
وقوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) يقول : يخرج من بين ذلك ، ومعنى الكلام : منهما ، كما يقال : سيخرج من بين هذين الشيئين خير كثير ، بمعنى : يخرج منهما .
واختلف أهل التأويل في معنى الترائب وموضعها ، فقال بعضهم : الترائب : موضع القلادة من صدر المرأة .
ذكر من قال ذلك .
حدثني
عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي ، قال : ثنا
محمد بن ربيعة ، عن
سلمة بن سابور ، عن
عطية العوفي ، عن
ابن عباس (
الصلب والترائب ) قال : الترائب : موضع القلادة .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) يقول : من بين ثدي المرأة .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة عن الترائب ، فقال : هذه ووضع يده على صدره بين ثدييه .
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثني
سلم بن قتيبة ، قال : ثني
عبد الله بن النعمان الحداني ، أنه سمع
عكرمة يقول : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : صلب الرجل ، وترائب المرأة .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
شريك ، عن
عطاء ، عن
سعيد بن جبير ، قال : الترائب : الصدر .
قال : ثنا
ابن يمان ، عن
مسعر ، عن
الحكم ، عن
أبي عياض ، قال : ( الترائب ) : الصدر .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : الترائب : الصدر . وهذا الصلب وأشار إلى ظهره .
[ ص: 355 ]
وقال آخرون : الترائب : ما بين المنكبين والصدر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
إسرائيل ، عن
ثوير ، عن
مجاهد ، قال : ( الترائب ) ما بين المنكبين والصدر .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( الترائب ) قال : أسفل من التراقي .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، قال : الصلب للرجل ، والترائب للمرأة ، والترائب فوق الثديين .
وقال آخرون : هو اليدان والرجلان والعينان .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : فالترائب أطراف الرجل واليدان والرجلان والعينان ، فتلك الترائب .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : الترائب : اليدان والرجلان .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، قال : قال غيره : الترائب : ماء المرأة وصلب الرجل .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) : عيناه ويداه ورجلاه .
وقال آخرون : معنى ذلك ، أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) يقول : يخرج من بين صلب الرجل ونحره .
وقال آخرون : هي الأضلاع التي أسفل الصلب .
[ ص: 356 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، في قوله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : الترائب : الأضلاع التي أسفل الصلب .
وقال آخرون : هي عصارة القلب .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن إسحاق ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
الليث ، أن
معمر بن أبي حبيبة المديني حدثه ، أنه بلغه في قول الله : (
يخرج من بين الصلب والترائب ) قال : هو عصارة القلب ، ومنه يكون الولد .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، قول من قال : هو موضع القلادة من المرأة ، حيث تقع عليه من صدرها ; لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، وبه جاءت أشعارهم ، قال
المثقب العبدي :
ومن ذهب يسن على تريب كلون العاج ليس بذي غضون
وقال آخر :
والزعفران على ترائبها شرقا به اللبات والنحر
وقوله : (
إنه على رجعه لقادر ) يقول تعالى ذكره : إن هذا الذي خلقكم أيها الناس من هذا الماء الدافق ، فجعلكم بشرا سويا بعد أن كنتم ماء مدفوقا ، على رجعه لقادر .
واختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله : ( على رجعه ) على ما هي عائدة ، فقال بعضهم : هي عائدة على الماء . وقالوا : معنى الكلام : إن الله على رد النطفة في الموضع التي خرجت منه ( لقادر ) .
[ ص: 357 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، عن
عكرمة ، في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : إنه على رده في صلبه لقادر .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
أبو النعمان الحكم بن عبد الله ، قال : ثنا
شعبة ، عن
أبي رجاء ، عن
عكرمة في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : للصلب .
حدثني
عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا
عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : على أن يرد الماء في الإحليل .
حدثني
نصر بن عبد الرحمن الأودي الوشاء ، قال : ثنا
أبو قطن عمرو بن الهيثم ، عن
ورقاء ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
عبد الله بن أبي بكر ، عن
مجاهد ، في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : على رد النطفة في الإحليل .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : في الإحليل .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
ليث ، عن
مجاهد (
إنه على رجعه لقادر ) قال : رده في الإحليل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنه على رد الإنسان ماء كما كان قبل أن يخلقه منه .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) إن شئت رددته كما خلقته من ماء .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : إنه على حبس ذلك الماء لقادر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) قال : على رجع ذلك الماء لقادر ، حتى لا يخرج ، كما قدر على أن يخلق منه ما خلق ؛ قادر على أن يرجعه .
وقال آخرون : بل معنى ذلك أنه قادر على رجع الإنسان من حال الكبر إلى حال الصغر .
[ ص: 358 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
مقاتل بن حيان ، عن
الضحاك قال : سمعته يقول في قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) يقول : إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب ، ومن الشباب إلى الصبا ، ومن الصبا إلى النطفة . وعلى هذا التأويل تكون الهاء في قوله : ( على رجعه ) من ذكر الإنسان .
وقال آخرون ، ممن زعم أن الهاء للإنسان : معنى ذلك أنه على إحيائه بعد مماته لقادر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) إن الله تعالى ذكره على بعثه وإعادته قادر .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : إن الله على رد الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيا ، كهيئته قبل مماته لقادر .
وإنما قلت : هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب ; لقوله : (
يوم تبلى السرائر ) فكان في إتباعه قوله : (
إنه على رجعه لقادر ) نبأ من أنباء القيامة ، دلالة على أن السابق قبلها أيضا منه ، ومنه (
يوم تبلى السرائر ) يقول تعالى ذكره : إنه على إحيائه بعد مماته لقادر يوم تبلى السرائر ، فاليوم من صفة الرجع ؛ لأن المعنى : إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر .
وعني بقوله : (
يوم تبلى السرائر )
يوم تختبر سرائر العباد ، فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفيا عن أعين العباد من الفرائض التي كان الله ألزمه إياها ، وكلفه العمل بها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
عبد الله بن صالح ، عن
يحيى بن أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء بن أبي رباح ، في قوله : (
يوم تبلى السرائر ) قال : ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة ، وهو السرائر ، ولو شاء أن يقول : قد صمت ، وليس بصائم ، وقد صليت ، ولم يصل ، وقد اغتسلت ، ولم يغتسل .
[ ص: 359 ]
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
يوم تبلى السرائر ) إن هذه السرائر مختبرة ، فأسروا خيرا وأعلنوه إن استطعتم ، ولا قوة إلا بالله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
يوم تبلى السرائر ) قال : تختبر .
وقوله : (
فما له من قوة ولا ناصر ) يقول تعالى ذكره : فما للإنسان الكافر يومئذ من قوة يمتنع بها من عذاب الله ، وأليم نكاله ، ولا ناصر ينصره فيستنقذه ممن ناله بمكروه ، وقد كان في الدنيا يرجع إلى قوة من عشيرته ، يمتنع بهم ممن أراده بسوء ، وناصر من حليف ينصره على من ظلمه واضطهده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
فما له من قوة ولا ناصر ) ينصره من الله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( ولا ناصر ) قال : من قوة يمتنع بها ، ولا ناصر ينصره من الله .
حدثني
علي بن سهل ، قال : ثنا
ضمرة بن ربيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، في قوله : (
من قوة ولا ناصر ) قال : القوة : العشيرة ، والناصر : الحليف .