القول في تأويل قوله تعالى : (
ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( 17 )
أولئك أصحاب الميمنة ( 18 )
والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ( 19 )
عليهم نار مؤصدة ( 20 ) ) .
يقول تعالى ذكره : ثم كان هذا الذي قال : (
أهلكت مالا لبدا ) من الذين آمنوا بالله ورسوله ، فيؤمن معهم كما آمنوا (
وتواصوا بالصبر ) يقول : وممن أوصى بعضهم بعضا بالصبر على ما نابهم في ذات الله (
وتواصوا بالمرحمة ) يقول : وأوصى بعضهم بعضا بالمرحمة .
كما حدثنا
محمد بن سنان والقزاز ، قال : ثنا
أبو عاصم عن
شبيب ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
وتواصوا بالمرحمة ) قال : مرحمة الناس .
وقوله : (
أولئك أصحاب الميمنة ) يقول : الذين فعلوا هذه الأفعال التي ذكرتها ، من فك الرقاب ، وإطعام اليتيم ، وغير ذلك ، أصحاب اليمين الذين يؤخذ بهم يوم القيامة ذات اليمين إلى الجنة .
وقوله : (
والذين كفروا بآياتنا ) يقول : والذين كفروا بأدلتنا وأعلامنا وحججنا من الكتب والرسل وغير ذلك (
هم أصحاب المشأمة ) يقول : هم أصحاب الشمال يوم القيامة الذين يؤخذ بهم ذات الشمال . وقد بينا معنى المشأمة ، ولم قيل لليسار المشأمة فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : ( عليهم نار مؤصدة ) يقول تعالى ذكره : عليهم نار جهنم يوم القيامة مطبقة ; يقال منه : أوصدت وآصدت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
[ ص: 447 ] ابن عباس ، قوله : (
عليهم نار مؤصدة ) قال : مطبقة .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، (
عليهم نار مؤصدة ) قال : مطبقة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
عليهم نار مؤصدة ) أي ؛ مطبقة ، أطبقها الله عليهم ، فلا ضوء فيها ولا فرج ، ولا خروج منها آخر الأبد .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : ( مؤصدة ) : مغلقة عليهم .
آخر تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد .