القول في تأويل قوله تعالى : (
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ( 5 ) ) .
[ ص: 541 ]
يقول تعالى ذكره :
وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين ; يقول : مفردين له الطاعة ، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك ، فأشركت
اليهود بربها بقولهم إن عزيرا ابن الله ،
والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك ، وجحودهم نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم .
وقوله : ( حنفاء ) قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل بشواهده المغنية عن إعادتها ، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر قبل من الأخبار في ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
مخلصين له الدين حنفاء ) يقول : حجاجا مسلمين غير مشركين ، يقول : ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، ويحجوا وذلك دين القيمة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) والحنيفية : الختان ، وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات والمناسك .
وقوله : (
ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة )
يقول : وليقيموا الصلاة ، وليؤتوا الزكاة .
وقوله : (
وذلك دين القيمة )
يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من
أهل الكتاب والمشركين ، هو الدين القيمة ، ويعني بالقيمة : المستقيمة العادلة ، وأضيف الدين إلى القيمة ، والدين هو القيم ، وهو من نعته لاختلاف لفظيهما . وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذكر لنا : (
وذلك دين القيمة ) وأنثت القيمة ؛ لأنها جعلت صفة للملة ، كأنه قيل : وذلك الملة القيمة ، دون اليهودية والنصرانية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
وذلك دين القيمة ) هو الدين الذي بعث الله به رسوله ، وشرع لنفسه ، ورضي به .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
كتب قيمة ) (
وذلك دين القيمة ) قال : هو واحد ; قيمة : مستقيمة معتدلة .