صفحة جزء
[ ص: 672 ] [ ص: 673 ] [ ص: 674 ] [ ص: 675 ] بسم الله الرحمن الرحيم

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( تبت يدا أبي لهب وتب ( 1 ) ما أغنى عنه ماله وما كسب ( 2 ) سيصلى نارا ذات لهب ( 3 ) وامرأته حمالة الحطب ( 4 ) في جيدها حبل من مسد ( 5 ) ) .

يقول تعالى ذكره : خسرت يدا أبي لهب ، وخسر هو . وإنما عني بقوله : ( تبت يدا أبي لهب ) تب عمله . وكان بعض أهل العربية يقول : قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) : دعاء عليه من الله .

وأما قوله : ( وتب ) فإنه خبر . ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" . وفي دخول "قد" فيه دلالة على أنه خبر ، ويمثل ذلك بقول القائل لآخر : أهلكك الله ، وقد أهلكك ، وجعلك صالحا وقد جعلك .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) : أي خسرت وتب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) قال : التب : الخسران ، قال : قال أبو لهب للنبي صلى الله عليه وسلم : ماذا أعطى يا محمد إن آمنت بك ؟ قال ؟ "كما يعطى المسلمون" ، فقال : مالي عليهم فضل ؟ قال : "وأي شيء تبتغي ؟ " قال : تبا لهذا من دين تبا ، أن أكون أنا وهؤلاء سواء ، فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) يقول : بما عملت أيديهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( تبت يدا أبي لهب ) [ ص: 633 ] قال : خسرت يدا أبي لهب وخسر .

وقيل : إن هذه السورة نزلت في أبي لهب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته ، إذ نزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) وجمعهم للدعاء ، قال له أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟

ذكر الأخبار الواردة بذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا ، فقال : "يا صباحاه ! " فاجتمعت إليه قريش ، فقالوا : ما لك ؟ قال : "أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ، أما كنتم تصدقونني ؟ " قالوا : بلى ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟ ! فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) إلى آخرها .

حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ثم نادى : "يا صبحاه" فاجتمع الناس إليه ، فبين رجل يجيء ، وبين آخر يبعث رسوله ، فقال : "يا بني هاشم ، يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني . . . يا بني أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل" - يريد تغير عليكم - صدقتموني ؟ " قالوا : نعم ، قال : "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا دعوتنا ؟ فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وتب ) " .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ورهطك منهم المخلصين ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى صعد الصفا ، فهتف : "يا صباحاه" . فقالوا : من هذا الذي يهتف ؟ فقالوا : محمد ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "يا بني فلان ، يا بني فلان ، يا بني عبد المطلب ، يا بني [ ص: 677 ] عبد مناف " ، فاجتمعوا إليه ، فقال : "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ " قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" ، فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ؟ ثم قام فنزلت هذه السورة : "تبت يدا أبي لهب وقد تب" كذا قرا الأعمش إلى آخر السورة .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله : ( تبت يدا أبي لهب ) قال : حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه وإلى غيره ، وكان أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان اسمه عبد العزى ، فذكرهم ، فقال أبو لهب : تبا لك ، في هذا أرسلت إلينا ؟ فأنزل الله : ( تبت يدا أبي لهب ) .

وقوله : ( ما أغنى عنه ماله وما كسب )

يقول تعالى ذكره : أي شيء أغنى عنه ماله ، ودفع من سخط الله عليه ( وما كسب ) وهم ولده . وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل

ذكر من قال ذلك .

حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر ، قال : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خيثم ، عن أبي الطفيل ، قال : جاء بنو أبي لهب إلى ابن عباس ، فقاموا يختصمون في البيت ، فقام ابن عباس ، فحجز بينهم ، وقد كف بصره ، فدفعه بعضهم حتى وقع على الفراش ، فغضب وقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن محمد بن سفيان ، عن رجل من بني مخزوم ، عن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون ، فجعل يحجز بينهم ويقول : هؤلاء مما كسب .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ( ما أغنى عنه ماله وما كسب ) قال : ما كسب ولده .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وما كسب ) قال : ولده هم من كسبه .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله ( وما كسب ) قال : ولده . [ ص: 678 ]

وقوله : ( سيصلى نارا ذات لهب )

يقول : سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب .

وقوله : ( وامرأته حمالة الحطب )

يقول : سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب ، نارا ذات لهب . واختلفت القراء في قراءة ( حمالة الحطب ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة والبصرة : "حمالة الحطب" بالرفع ، غير عبد الله بن أبي إسحاق ، فإنه قرأ ذلك نصبا فيما ذكر لنا عنه .

واختلف فيه عن عاصم ، فحكي عنه الرفع فيها والنصب ، وكأن من رفع ذلك جعله من نعت المرأة ، وجعل الرفع للمرأة ما تقدم من الخبر ، وهو "سيصلى" ، وقد يجوز أن يكون رافعها الصفة ، وذلك قوله : ( في جيدها ) وتكون "حمالة" نعتا للمرأة . وأما النصب فيه فعلى الذم ، وقد يحتمل أن يكون نصبها على القطع من المرأة ، لأن المرأة معرفة ، وحمالة الحطب نكرة .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : الرفع ، لأنه أفصح الكلامين فيه ، ولإجماع الحجة من القراء عليه .

واختلف أهل التأويل ، في معنى قوله : ( حمالة الحطب ) فقال بعضهم : كانت تجيء بالشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليدخل في قدمه إذا خرج إلى الصلاة .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعقره وأصحابه ، ويقال : ( حمالة الحطب ) : نقالة للحديث .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل من همدان يقال له يزيد بن زيد ، أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك ، فنزلت : ( تبت يدا أبي لهب وامرأته حمالة الحطب ) .

حدثني أبو هريرة الضبعي ، محمد بن فراس ، قال : ثنا أبو عامر ، عن قرة بن [ ص: 679 ] خالد ، عن عطية الجدلي . في قوله : ( حمالة الحطب ) قال : كانت تضع العضاه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنما يطأ به كثيبا .

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) كانت تحمل الشوك ، فتلقيه على طريق نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعقره .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تأتي بأغصان الشوك ، فتطرحها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : قيل لها ذلك : حمالة الحطب ، لأنها كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة ، وتعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال ( حمالة الحطب ) : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حمالة الحطب ) قال : النميمة .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) : أي كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تحطب الكلام ، وتمشي بالنميمة .

وقال بعضهم : كانت تعير رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحطب فعيرت بأنها كانت تحطب . [ ص: 680 ]

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( وامرأته حمالة الحطب ) قال : كانت تمشي بالنميمة .

وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال : كانت تحمل الشوك ، فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك هو أظهر معنى ذلك .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن عيسى بن يزيد ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زيد ، وكان ألزم شيء لمسروق ، قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك ، قالت : علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا ؟ " ( في جيدها حبل من مسد ) " ؟ فمكثت ، ثم أتته ، فقالت : إن ربك قلاك وودعك " ، فأنزل الله : ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) .

وقوله ( في جيدها حبل من مسد )

يقول في عنقها; والعرب تسمي العنق جيدا ; ومنه قول ذي الرمة :


فعيناك عيناها ولونك لونها وجيدك إلا أنها غير عاطل



وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( في جيدها حبل ) قال : في رقبتها .

وقوله : ( حبل من مسد ) اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : هي حبال تكون بمكة .

ذكر من قال ذلك :

حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل من شجر ، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، [ ص: 681 ] عن ابن عباس ( حبل من مسد ) قال : هي حبال تكون بمكة ; ويقال : المسد : العصا التي تكون في البكرة ، ويقال المسد : قلادة من ودع .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله : ( حبل من مسد ) قال : حبال من شجر تنبت في اليمن لها مسد ، وكانت تفتل; وقال ( حبل من مسد ) : حبل من نار في رقبتها .

وقال آخرون : المسد : الليف .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن يزيد ، عن عروة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة من حديد ، ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن السدي ، عن رجل يقال له يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن يزيد ، عن عروة بن الزبير ( في جيدها حبل من مسد ) قال : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .

حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن مجاهد ( من مسد ) قال : من حديد .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( في جيدها حبل من مسد ) قال : حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعا .

وقال آخرون : المسد : الحديد الذي يكون في البكرة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( في جيدها حبل من مسد ) قال : الحديدة تكون في البكرة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : عود البكرة من حديد .

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( حبل من مسد ) قال : الحديدة للبكرة . [ ص: 682 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ثنا المعمر بن سليمان ، قال : قال أبو المعتمر : زعم محمد أن عكرمة قال : ( في جيدها حبل من مسد ) إنه الحديدة التي في وسط البكرة .

وقال آخرون : هو قلادة من ودع في عنقها .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( في جيدها حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( حبل من مسد ) قال : قلادة من ودع .

في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : هو حبل جمع من أنواع مختلفة ، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا ، ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز :


ومسد أمر من أيانق     صهب عتاق ذات مخ زاهق

[ ص: 683 ]

فجعل إمراره من شتى ، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب ، أمر من أشياء شتى ، من ليف وحديد ولحاء ، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع; ومنه قول الأعشى :


تمسي فيصرف بابها من دوننا     غلقا صريف محالة الأمساد



يعني بالأمساد : جمع مسد ، وهي الحبال .

آخر تفسير سورة تبت

التالي السابق


الخدمات العلمية