القول في
تأويل قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " ، ولكم يا أولي العقول ، فيما فرضت عليكم وأوجبت لبعضكم على بعض ، من القصاص في النفوس والجراح والشجاج ، ما منع به بعضكم من قتل بعض ، وقدع بعضكم عن بعض ، فحييتم بذلك ، فكان لكم في حكمي بينكم بذلك حياة .
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك .
فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 382 ]
2617 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " قال : نكال ، تناه .
2618 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
ابن أبي زائدة ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
ولكم في القصاص حياة " قال : نكال ، تناه .
2619 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
2620 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد ، عن
سعيد عن
قتادة : "
ولكم في القصاص حياة " ، جعل الله هذا القصاص حياة ، ونكالا وعظة لأهل السفه والجهل من الناس . وكم من رجل قد هم بداهية ، لولا مخافة القصاص لوقع بها ، ولكن الله حجز بالقصاص بعضهم عن بعض; وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا والآخرة ، ولا نهى الله عن أمر قط إلا وهو أمر فساد في الدنيا والدين ، والله أعلم بالذي يصلح خلقه .
2621 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله : "
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب " قال : قد جعل الله في القصاص حياة ، إذا ذكره الظالم المتعدي كف عن القتل .
2622 - حدثت عن
عمار بن الحسن قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن
الربيع قوله : "
ولكم في القصاص حياة " الآية ، يقول : جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لكم . كم من رجل قد هم بداهية فمنعه مخافة القصاص أن يقع بها! وإن الله قد حجز عباده بعضهم عن بعض بالقصاص .
2623 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد قوله : "
ولكم في القصاص حياة " قال : نكال ، تناه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : حياة . منعة .
[ ص: 383 ]
2624 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
ولكم في القصاص حياة " قال : حياة ، بقية . إذا خاف هذا أن يقتل بي كف عني ، لعله يكون عدوا لي يريد قتلي ، فيذكر أن يقتل في القصاص ، فيخشى أن يقتل بي ، فيكف بالقصاص الذي خاف أن يقتل ، لولا ذلك قتل هذا .
2625 - حدثت عن
يعلى بن عبيد قال : حدثنا
إسماعيل ، عن
أبي صالح في قوله : "
ولكم في القصاص حياة " قال : بقاء .
وقال آخرون : معنى ذلك : ولكم في القصاص من القاتل بقاء لغيره ، لأنه لا يقتل بالمقتول غير قاتله في حكم الله .
وكانوا في الجاهلية يقتلون بالأنثى الذكر ، وبالعبد الحر .
ذكر من قال ذلك :
2626 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ولكم في القصاص حياة " يقول : بقاء ، لا يقتل إلا القاتل بجنايته .
وأما تأويل قوله : " يا أولي الألباب " ، فإنه : يا أولي العقول . " والألباب " جمع " اللب " ، و" اللب " العقل .
وخص الله تعالى ذكره بالخطاب أهل العقول ، لأنهم هم الذين يعقلون عن الله أمره ونهيه ، ويتدبرون آياته وحججه دون غيرهم .