القول في
تأويل قوله تعالى ( ولتكملوا العدة )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "
ولتكملوا العدة " ، عدة ما أفطرتم ، من أيام أخر ، أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخر بعد برئكم من مرضكم ، أو إقامتكم من سفركم ، كما :
[ ص: 477 ]
2899 - حدثني
المثني قال : حدثنا
سويد بن نصر قال : أخبرنا
ابن المبارك عن
جويبر عن
الضحاك في قوله : "
ولتكملوا العدة " ، قال : عدة ما أفطر المريض والمسافر .
2900 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
ولتكملوا العدة " قال : إكمال العدة : أن
يصوم ما أفطر من رمضان في سفر أو مرض [ إلى ] أن يتمه ، فإذا أتمه فقد أكمل العدة . .
فإن قال قائل : ما الذي عليه بهذه " الواو " التي في قوله : "
ولتكملوا العدة " عطفت؟ .
قيل : اختلف أهل العربية في ذلك .
فقال بعضهم : هي عاطفة على ما قبلها ، كأنه قيل : ويريد لتكملوا العدة ولتكبروا الله .
وقال بعض نحويي الكوفة : وهذه " اللام " التي في قوله : " ولتكملوا " لام " كي " لو ألقيت كان صوابا . قال : والعرب تدخلها في كلامها على إضمار فعل بعدها ، ولا تكون شرطا للفعل الذي قبلها وفيها" الواو" ، ألا ترى أنك تقول : " جئتك لتحسن إلي " ، ولا تقول : " جئتك ولتحسن إلي " ، فإذا قلته فأنت تريد : ولتحسن جئتك . قال : وهذا في القرآن كثير ، منه قوله : (
ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ) [ سورة الأنعام : 113 ] ، وقوله : (
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) [ سورة الأنعام : 75 ] ، ولو لم تكن فيه " الواو " كان شرطا على قولك : أريناه ملكوت السموات والأرض
[ ص: 478 ] ليكون . فإذا كانت " الواو " فيها فلها فعل " مضمر " بعدها ، و"
ليكون من الموقنين " ، أريناه . .
قال
أبو جعفر : وهذا القول أولى بالصواب في العربية . لأن قوله : "
ولتكملوا العدة " ، ليس قبله " لام " بمعنى " اللام " التي في قوله : "
ولتكملوا العدة " فتعطف بقوله : "
ولتكملوا العدة " عليها - وإن دخول " الواو " معها ، يؤذن بأنها شرط لفعل بعدها ، إذ كانت " الواو " لو حذفت كانت شرطا لما قبلها من الفعل .