القول في تأويل قوله تعالى ( فمن فرض فيهن الحج )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "
فمن فرض فيهن الحج " ، فمن
أوجب الحج على نفسه وألزمها إياه فيهن - يعني : في الأشهر المعلومات التي بينها . وإيجابه إياه على نفسه ، العزم على عمل جميع ما أوجب الله على الحاج عمله ، وترك جميع ما أمره الله بتركه .
وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي يكون به الرجل فارضا الحج ، بعد إجماع جميعهم ، على أن معنى" الفرض" : الإيجاب والإلزام .
فقال بعضهم : فرض الحج الإهلال .
ذكر من قال ذلك :
3554 - حدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا
أبو أحمد ، قال : حدثنا
ورقاء ، عن
عبد الله المدني بن دينار ، عن
ابن عمر قوله : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : من أهل بحج .
3555 - حدثنا
ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي وحدثنا
الحسن بن يحيى ، قال :
[ ص: 122 ] أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري ، عن
العلاء بن المسيب ، عن
عطاء ، قال : التلبية .
3556 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
مهران وحدثنا
علي ، قال : حدثنا
زيد ، جميعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : "
فمن فرض فيهن الحج " قال :
فالفريضة الإحرام ، والإحرام التلبية .
3557 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
الحماني ، قال : حدثنا
شريك ، عن
إبراهيم - يعني ابن مهاجر - ، عن
مجاهد : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : الفريضة : التلبية .
3558 - حدثنا
أحمد بن حازم ، قال : حدثنا
ورقاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن
ابن عمر : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : أهل .
3559 - حدثني
أحمد بن حازم ، قال : حدثنا
أبو نعيم ، قال : حدثنا
شريك ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، قال : الفرض التلبية ، ويرجع إن شاء ما لم يحرم .
3560 - حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : الفرض : الإهلال .
3561 - حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
معمر ، عن
ابن طاوس ، عن أبيه : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : التلبية .
3562 - حدثنا
إبراهيم بن عبد الله بن مسلم ، قال : حدثنا
أبو عمرو الضرير ، قال : أخبرنا
حماد بن سلمة ، عن
جبر بن حبيب ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن : " من فرض فيهن الحج" ، قال : إذا اغتسلت ولبست ثوبك ولبيت ، فقد فرضت الحج .
[ ص: 123 ]
وقال آخرون : فرض الحج إحرامه .
ذكر من قال ذلك :
3563 - حدثني
المثنى ، قال : حدثنا
أبو صالح ، قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس : "
فمن فرض فيهن الحج " يقول : من أحرم بحج أو عمرة .
3564 - حدثنا
ابن بشار ، قال : حدثنا
عبد الرحمن وحدثنا
أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا
أبو أحمد وحدثني
المثنى ، قال : حدثنا
أبو نعيم قالوا جميعا : حدثنا
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : فمن أحرم - واللفظ لحديث
ابن بشار .
3565 - حدثنا
أحمد ، قال : حدثنا
أبو أحمد ، قال : حدثنا
شريك nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، عن
ليث ، عن
عطاء ، قال : الفرض : الإحرام .
3566 - حدثنا
القاسم ، قال : حدثنا
الحسين ، قال : حدثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
الحجاج ، عن
عطاء وبعض أشياخنا عن
الحسن في قوله : "
فمن فرض فيهن الحج " قالا فرض الحج الإحرام .
3567 - حدثنا
بشر بن معاذ ، قال : حدثنا
يزيد ، قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
فمن فرض فيهن الحج " فهذا عند الإحرام .
3568 - حدثنا
أحمد بن حازم ، قال : حدثنا
أبو نعيم ، قال : حدثنا
حسين بن عقيل ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : الفرض الإحرام .
3569 - حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
[ ص: 124 ] حسين بن عقيل الخراساني ، قال : سمعت
الضحاك بن مزاحم يقول ، فذكر مثله .
3570 - حدثنا
الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا
عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
الثوري ، قال : أخبرنا
المغيرة ، عن
إبراهيم : "
فمن فرض فيهن الحج " قال : من أحرم .
قال
أبو جعفر : وهذا القول الثاني يحتمل أن يكون بمعنى ما قلنا من أن يكون الإحرام - كان عند قائله - الإيجاب بالعزم ، ويحتمل أن يكون كان عنده بالعزم والتلبية ، كما قال القائلون القول الأول .
وإنما قلنا : إن
فرض الحج الإحرام ، لإجماع الجميع على ذلك . وقلنا : إن الإحرام هو إيجاب الرجل ما يلزم المحرم أن يوجبه على نفسه ، على ما وصفنا آنفا ؛ لأنه لا يخلو القول في ذلك من أحد أمور ثلاثة :
إما أن يكون الرجل غير محرم إلا بالتلبية وفعل جميع ما يجب على الموجب الإحرام على نفسه فعله ، فإن يكن ذلك كذلك ، فقد يجب أن لا يكون محرما إلا بالتجرد للإحرام ، وأن يكون من لم يكن له متجردا فغير محرم . وفي إجماع الجميع على أنه قد يكون محرما وإن لم يكن متجردا من ثيابه ، بإيجابه الإحرام ما يدل على أنه قد يكون محرما وإن لم يلب ، إذ كانت التلبية بعض مشاعر الإحرام ، كما التجرد له بعض مشاعره . وفي إجماعهم على أنه قد يكون محرما بترك بعض مشاعر حجه ، ما يدل على أن حكم غيره من مشاعره حكمه .
أو يكون - إذ فسد هذا القول - قد يكون محرما وإن لم يلب ولم يتجرد ولم يعزم العزم الذي وصفنا . وفي إجماع الجميع على أنه لا يكون محرما من لم يعزم على الإحرام ويوجبه على نفسه ، إذا كان من أهل التكليف ، ما ينبئ عن فساد هذا القول .
وإذ فسد هذان الوجهان فبينة صحة الوجه الثالث ، وهو أن الرجل قد يكون
[ ص: 125 ] محرما بإيجابه الإحرام بعزمه على سبيل ما بينا ، وإن لم يظهر ذلك بالتجرد والتلبية وصنيع بعض ما عليه عمله من مناسكه . وإذا صح ذلك صح ما قلنا من أن فرض الحج ، هو ما قرن إيجابه بالعزم ، على نحو ما بينا قبل .