القول في تأويل قوله تعالى ( ولو شاء الله لأعنتكم )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : ولو شاء الله لحرم ما أحله لكم من مخالطة أيتامكم بأموالكم أموالهم ، فجهدكم ذلك وشق عليكم ، ولم تقدروا على القيام باللازم لكم من حق الله تعالى والواجب عليكم في ذلك من فرضه ، ولكنه رخص لكم فيه وسهله عليكم رحمة بكم ورأفة .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " لأعنتكم " . فقال بعضهم بما : -
4203 - حدثني به
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم عن
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
قيس بن سعد - أو
عيسى عن
قيس بن سعد - عن
مجاهد شك أبو عاصم في قول الله تعالى ذكره : "
ولو شاء الله لأعنتكم " لحرم عليكم المرعى والأدم .
[ ص: 359 ]
قال
أبو جعفر : يعني بذلك
مجاهد : رعي مواشي والي اليتيم مع مواشي اليتيم ، والأكل من إدامه . لأنه كان يتأول في قوله : "
وإن تخالطوهم فإخوانكم " ، أنه خلطة الولي اليتيم بالرعي والأدم .
4204 - حدثني
علي بن داود قال : حدثنا
أبو صالح قال : حدثني
معاوية عن
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، يقول : لو شاء الله لأحرجكم فضيق عليكم ، ولكنه وسع ويسر فقال : (
ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) [ سورة النساء : 6 ]
4205 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، يقول : لجهدكم ، فلم تقوموا بحق ولم تؤدوا فريضة .
4206 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع نحوه إلا أنه قال : فلم تعملوا بحق .
4207 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، لشدد عليكم .
4208 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال : لشق عليكم في الأمر . ذلك العنت .
4209 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
الحكم عن
مقسم عن
ابن عباس قوله : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا .
وهذه الأقوال التي ذكرناها عمن ذكرت عنه ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيها ، فإنها متقاربات المعاني . لأن من حرم عليه شيء فقد ضيق عليه في ذلك
[ ص: 360 ] الشيء ، ومن ضيق عليه في شيء فقد أحرج فيه ، ومن أحرج في شيء أو ضيق عليه فيه فقد جهد . وكل ذلك عائد إلى المعنى الذي وصفت من أن معناه : الشدة والمشقة .
ولذلك قيل : " عنت فلان " إذا شق عليه الأمر ، وجهده ، " فهو يعنت عنتا " ، كما قال تعالى ذكره : (
عزيز عليه ما عنتم ) [ سورة التوبة : 128 ] ، يعني ما شق عليكم وآذاكم وجهدكم ، ومنه قوله تعالى ذكره : (
ذلك لمن خشي العنت منكم ) [ سورة النساء : 25 ] . فهذا إذا عنت العانت . فإن صيره غيره كذلك ، قيل : " أعنته فلان في كذا " إذ جهده وألزمه أمرا جهده القيام به " يعنته إعناتا " . فكذلك قوله : " لأعنتكم " معناه : لأوجب لكم العنت بتحريمه عليكم ما يجهدكم ويحرجكم ، مما لا تطيقون القيام باجتنابه وأداء الواجب له عليكم فيه .
وقال آخرون : معنى ذلك : لأوبقكم وأهلككم .
ذكر من قال ذلك :
4210 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
طلق بن غنام عن
زائدة عن
منصور عن
الحكم عن
مقسم عن
ابن عباس قال : قرأ علينا : "
ولو شاء الله لأعنتكم " ، قال
ابن عباس : ولو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا .
4211 - حدثنا
أبو كريب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم عن
فضيل -
وجرير عن
منصور وحدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
الحكم [ ص: 361 ] عن
مقسم عن
ابن عباس : "
ولو شاء الله لأعنتكم " قال : لجعل ما أصبتم موبقا .