القول في تأويل قوله تعالى ( ولا تقربوهن حتى يطهرن )
قال
أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأه بعضهم : " حتى يطهرن " بضم " الهاء " وتخفيفها . وقرأه آخرون بتشديد " الهاء " وفتحها .
وأما الذين قرءوه بتخفيف " الهاء " وضمها ، فإنهم وجهوا معناه إلى : ولا تقربوا النساء في حال حيضهن حتى ينقطع عنهن دم الحيض ويطهرن . وقال بهذا التأويل جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
4266 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
ابن مهدي ومؤمل قالا حدثنا
سفيان عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله : "
ولا تقربوهن حتى يطهرن " ، قال : انقطاع الدم .
[ ص: 384 ]
4267 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم عن
سفيان - أو
عثمان بن الأسود - : " ولا
تقربوهن حتى يطهرن " ، حتى ينقطع الدم عنهن .
4268 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
عبيد الله العتكي عن
عكرمة في قوله : " ولا
تقربوهن حتى يطهرن " ، قال : حتى ينقطع الدم .
وأما الذين قرءوا ذلك بتشديد " الهاء " وفتحها ، فإنهم عنوا به : حتى يغتسلن بالماء . وشددوا " الطاء " لأنهم قالوا : معنى الكلمة : حتى يتطهرن ، أدغمت " التاء " في " الطاء " لتقارب مخرجيهما .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : ( حتى يطهرن ) بتشديدها وفتحها ، بمعنى : حتى يغتسلن - لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع دم حيضها حتى تطهر .
وإنما اختلف في " التطهر " الذي عناه الله تعالى ذكره ، فأحل له جماعها .
فقال بعضهم : هو الاغتسال بالماء ،
لا يحل لزوجها أن يقربها حتى تغسل جميع بدنها .
وقال بعضهم : هو الوضوء للصلاة .
وقال آخرون : بل هو غسل الفرج ، فإذا غسلت فرجها ، فذلك تطهرها الذي يحل به لزوجها غشيانها .
[ ص: 385 ]
فإذا كان إجماع من الجميع أنها لا تحل لزوجها بانقطاع الدم حتى تطهر ، كان بينا أن أولى القراءتين بالصواب أنفاهما للبس عن فهم سامعها . وذلك هو الذي اخترنا ، إذ كان في قراءة قارئها بتخفيف " الهاء " وضمها ، ما لا يؤمن معه اللبس على سامعها من الخطإ في تأويلها ، فيرى أن لزوج الحائض غشيانها بعد انقطاع دم حيضها عنها ، وقبل اغتسالها وتطهرها .
فتأويل الآية إذا : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ، فاعتزلوا جماع نسائكم في وقت حيضهن ، ولا تقربوهن حتى يغتسلن فيتطهرن من حيضهن بعد انقطاعه .