القول في تأويل
قوله ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : "
والذين يتوفون منكم " أيها الرجال ويذرون أزواجا يعني زوجات كن له نساء في حياته ، بنكاح لا ملك يمين . ثم صرف الخبر عن ذكر من ابتدأ الخبر بذكره ، نظير الذي مضى من ذلك في قوله : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) [ سورة البقرة : 234 ] إلى الخبر عن ذكر أزواجهم . وقد ذكرنا وجه
[ ص: 251 ] ذلك ، ودللنا على صحة القول فيه في نظيره الذي قد تقدم قبله ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .
ثم قال - تعالى ذكره - : "
وصية لأزواجهم " فاختلفت القرأة في قراءة ذلك : فقرأ بعضهم : "
وصية لأزواجهم " بنصب " الوصية " بمعنى : فليوصوا وصية لأزواجهم ، أو : عليهم [ أن يوصوا ] وصية لأزواجهم .
وقرأ آخرون : (
وصية لأزواجهم ) برفع " الوصية " .
ثم اختلف أهل العربية في وجه رفع " الوصية " .
فقال بعضهم : رفعت بمعنى : كتبت عليهم الوصية . واعتل في ذلك بأنها كذلك في قراءة
عبد الله .
فتأويل الكلام على ما قاله هذا القائل : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ، كتبت عليهم وصية لأزواجهم ثم ترك ذكر " كتبت " ورفعت " الوصية " بذلك المعنى ، وإن كان متروكا ذكره .
وقال آخرون منهم : بل " الوصية " مرفوعة بقوله : " لأزواجهم " فتأول : لأزواجهم وصية .
والقول الأول أولى بالصواب في ذلك ، وهو أن تكون " الوصية " إذا رفعت مرفوعة بمعنى : كتبت عليكم وصية لأزواجكم . لأن العرب تضمر النكرات مرافعها قبلها إذا أضمرت ، فإذا أظهرت بدأت به قبلها ، فتقول : " جاءني رجل اليوم "
[ ص: 252 ] وإذا قالوا : " رجل جاءني اليوم " لم يكادوا يقولونه إلا والرجل حاضر يشيرون إليه ب " هذا " أو غائب قد علم المخبر عنه خبره ، أو بحذف " هذا " وإضماره وإن حذفوه ، لمعرفة السامع بمعنى المتكلم ، كما قال الله - تعالى ذكره - : (
سورة أنزلناها ) [ سورة النور : 1 ] و (
براءة من الله ورسوله ) [ سورة التوبة : 1 ] ، فكذلك ذلك في قوله : "
وصية لأزواجهم " .
قال
أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا قراءة من قرأه رفعا ، لدلالة ظاهر القرآن على أن مقام المتوفى عنها زوجها في بيت زوجها المتوفى حولا كاملا كان حقا لها قبل نزول قوله : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) [ سورة البقرة : 234 ] ، وقبل نزول آية الميراث ولتظاهر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو الذي دل عليه الظاهر من ذلك ، أوصى لهن أزواجهن بذلك قبل وفاتهن ، أو لم يوصوا لهن به .
فإن قال قائل : وما الدلالة على ذلك؟
قيل : لما قال الله - تعالى ذكره - : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم " وكان الموصي لا شك ، إنما يوصي في حياته بما يأمر بإنفاذه بعد وفاته ، وكان محالا أن يوصي بعد وفاته ، كان - تعالى ذكره - إنما جعل لامرأة الميت سكن الحول بعد وفاته ، علمنا أنه حق لها وجب في ماله بغير وصية منه
[ ص: 253 ] لها ، إذ كان الميت مستحيلا أن تكون منه وصية بعد وفاته .
ولو كان معنى الكلام على ما تأوله من قال : " فليوص وصية " لكان التنزيل : والذين تحضرهم الوفاة ويذرون أزواجا ، وصية لأزواجهم ، كما قال : (
كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) [ سورة البقرة : 18 ]
وبعد ، فلو كان ذلك واجبا لهن بوصية من أزواجهن المتوفين ، لم يكن ذلك حقا لهن إذا لم يوص أزواجهن لهن قبل وفاتهم ، ولكان قد كان لورثتهم إخراجهن قبل الحول ، وقد قال الله - تعالى ذكره - : "
غير إخراج " . ولكن الأمر في ذلك بخلاف ما ظنه في تأويله قارئه : "
وصية لأزواجهم " بمعنى : أن الله تعالى كان أمر أزواجهن بالوصية لهن . وإنما تأويل ذلك : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ، كتب الله لأزواجهم عليكم وصية منه لهن أيها المؤمنون أن لا تخرجوهن من منازل أزواجهن حولا كما قال - تعالى ذكره - في " سورة النساء " (
غير مضار وصية من الله ) [ سورة النساء : 12 ] ، ثم ترك ذكر : " كتب الله " اكتفاء بدلالة الكلام عليه ، ورفعت " الوصية " بالمعنى الذي قلنا قبل .
فإن قال قائل : فهل يجوز نصب " الوصية " [ على الحال ، بمعنى موصين ] لهن وصية؟
[ ص: 254 ] قيل : لا؛ لأن ذلك إنما كان يكون جائزا لو تقدم " الوصية " من الكلام ما يصلح أن تكون الوصية خارجة منه ، فأما ولم يتقدمه ما يحسن أن تكون منصوبة بخروجها منه ، فغير جائز نصبها بذلك المعنى .
ذكر بعض من قال : إن سكنى حول كامل كان حقا لأزواج المتوفين بعد موتهم على ما قلنا أوصى بذلك أزواجهن لهن أو لم يوصوا لهن به ، وأن ذلك نسخ بما ذكرنا من الأربعة الأشهر والعشر والميراث .
5572 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
الحجاج بن منهال قال : حدثنا
همام بن يحيى قال : سألت
قتادة عن قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " فقال : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا في مال زوجها ، ما لم تخرج . ثم نسخ ذلك بعد في " سورة النساء " فجعل لها فريضة معلومة : الثمن إن كان له ولد ، والربع إن لم يكن له ولد ، وعدتها أربعة أشهر وعشرا ، فقال - تعالى ذكره - : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) [ سورة البقرة : 234 ] ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها من أمر الحول .
5573 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " الآية ، قال : كان هذا من قبل أن تنزل آية الميراث ، فكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها كان لها السكنى والنفقة حولا إن شاءت ، فنسخ ذلك في " سورة النساء " فجعل لها فريضة معلومة : جعل لها الثمن إن كان له ولد ، وإن لم يكن له ولد فلها الربع ، وجعل عدتها أربعة أشهر وعشرا ، فقال : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) .
[ ص: 255 ] 5574 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " فكان الرجل إذا مات وترك امرأته ، اعتدت سنة في بيته ، ينفق عليها من ماله ، ثم أنزل الله - تعالى ذكره - بعد : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ، فهذه
عدة المتوفى عنها زوجها . إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها . وقال في ميراثها : (
ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن ) [ سورة النساء : 12 ] ، فبين الله ميراث المرأة ، وترك الوصية والنفقة .
5575 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال سمعت
أبا معاذ قال : سمعت
عبيد الله بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : "
وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " كان الرجل إذا توفي أنفق على امرأته في عامه إلى الحول ، ولا تزوج حتى تستكمل الحول . وهذا منسوخ : نسخ النفقة عليها الربع والثمن من الميراث ، ونسخ الحول أربعة أشهر وعشر .
5576 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
أبو زهير ، عن
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " قال : الرجل إذا توفي أنفق على امرأته إلى الحول ، ولا تزوج حتى يمضي الحول ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ، فنسخ الأجل الحول ، ونسخ النفقة الميراث : الربع والثمن .
5577 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : سألت
عطاء عن قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " قال : كان ميراث المرأة من زوجها
[ ص: 256 ] من ربعه : أن تسكن إن شاءت من يوم يموت زوجها إلى الحول ، يقول : " فإن خرجن فلا جناح عليكم " الآية ، ثم نسخها ما فرض الله من الميراث قال : وقال
مجاهد : "
وصية لأزواجهم " سكنى الحول ، ثم نسخ هذه الآية الميراث .
5578 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : كان لأزواج الموتى حين كانت الوصية ، نفقة سنة . فنسخ الله ذلك الذي كتب للزوجة من نفقة السنة بالميراث ، فجعل لها الربع أو الثمن وفي قوله : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ، قال : هذه الناسخة .
ذكر من قال : كان ذلك يكون لهن بوصية من أزواجهن لهن به :
5579 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا " الآية ، قال : كانت هذه من قبل الفرائض ، فكان الرجل يوصي لامرأته ولمن شاء . ثم نسخ ذلك بعد ، فألحق الله تعالى بأهل المواريث ميراثهم ، وجعل للمرأة إن كان له ولد الثمن ، وإن لم يكن له ولد فلها الربع . وكان ينفق على المرأة حولا من مال زوجها ، ثم تحول من بيته . فنسخته العدة أربعة أشهر وعشرا ، ونسخ الربع أو الثمن الوصية لهن ، فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون .
5580 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم " إلى "
في ما فعلن في أنفسهن من معروف " يوم نزلت هذه الآية ، كان الرجل إذا مات أوصى لامرأته
[ ص: 257 ] بنفقتها وسكناها سنة ، وكانت عدتها أربعة أشهر وعشرا ، فإن هي خرجت حين تنقضي أربعة أشهر وعشر ، انقطعت عنها النفقة ، فذلك قوله : "
فإن خرجن " وهذا قبل أن تنزل آية الفرائض ، فنسخه الربع والثمن ، فأخذت نصيبها ، ولم يكن لها سكنى ولا نفقة .
5581 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12235أحمد بن المقدام قال : حدثنا
المعتمر قال : سمعت أبي قال : يزعم
قتادة أنه كان يوصى للمرأة بنفقتها إلى رأس الحول .
ذكر من قال : " نسخ ذلك ما كان لهن من المتاع إلى الحول ، من غير تبيينه على أي وجه كان ذلك لهن " :
5582 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الرحمن قال : حدثنا
سفيان ، عن
حبيب ، عن
إبراهيم في قوله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول " قال : هي منسوخة .
5583 - حدثنا
الحسن بن الزبرقان قال : حدثنا
أسامة ، عن
سفيان ، عن
حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت
إبراهيم يقول ، فذكر نحوه .
5584 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، عن
حصين ، عن
يزيد النحوي ، عن
عكرمة والحسن البصري قالا : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " نسخ ذلك بآية الميراث وما فرض لهن فيها من الربع والثمن ، ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .
5585 - حدثنا
يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
يونس ، عن
ابن سيرين ، عن
ابن عباس : أنه قام يخطب الناس هاهنا ، فقرأ لهم سورة
[ ص: 258 ] البقرة ، فبين لهم فيها ، فأتى على هذه الآية : (
إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) [ سورة البقرة : 180 ] ، قال : فنسخت هذه . ثم قرأ حتى أتى على هذه الآية : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا " إلى قوله : " غير إخراج " فقال : وهذه .
وقال آخرون : هذه الآية ثابتة الحكم ، لم ينسخ منها شيء .
ذكر من قال ذلك :
5586 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : (
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) [ سورة البقرة : 234 ] ، قال : كانت هذه للمعتدة ، تعتد عند أهل زوجها ، واجبا ذلك عليها ، فأنزل الله : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " إلى قوله : " من معروف " . قال : جعل الله لهم تمام السنة ، سبعة أشهر وعشرين ليلة ، وصية : إن شاءت سكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، وهو قول الله - تعالى ذكره - : "
غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم " قال : والعدة كما هي واجبة .
5587 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
5588 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى وحدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس أنه قال : نسخت هذه الآية عدتها عند أهله ، تعتد
[ ص: 259 ] حيث شاءت ، وهو قول الله : "
غير إخراج " . قال
عطاء : إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها ، وإن شاءت خرجت ، لقول الله - تعالى ذكره - : "
فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن " قال
عطاء : جاء الميراث بنسخ السكنى ، تعتد حيث شاءت ولا سكنى لها .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله - تعالى ذكره - كان جعل لأزواج من مات من الرجال بعد موتهم ، سكنى حول في منزله ، ونفقتها في مال زوجها الميت إلى انقضاء السنة ، ووجب على ورثة الميت أن لا يخرجوهن قبل تمام الحول من المسكن الذي يسكنه ، وإن هن تركن حقهن من ذلك وخرجن ، لم تكن ورثة الميت من خروجهن في حرج . ثم إن الله - تعالى ذكره - نسخ النفقة بآية الميراث ، وأبطل مما كان جعل لهن من سكنى حول سبعة أشهر وعشرين ليلة ، وردهن إلى أربعة أشهر وعشر ، على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
5589 - حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا
حجاج قال : أخبرنا
حيوة بن شريح ، عن
ابن عجلان ، عن
سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ، وأخبره عن عمته
زينب ابنة كعب بن عجرة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=811993عن فريعة أخت أبي سعيد الخدري : أن زوجها خرج في طلب عبد له ، فلحقه بمكان قريب فقاتله ، وأعانه عليه أعبد معه فقتلوه ، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن زوجها خرج في طلب عبد له ، فلقيه علوج فقتلوه ، وإني في مكان ليس فيه أحد غيري ، وإن أجمع لأمري أن أنتقل إلى أهلي! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بل امكثي مكانك حتى يبلغ الكتاب أجله .
[ ص: 260 ] وأما قوله : " متاعا " فإن معناه : جعل ذلك لهن متاعا ، أي الوصية التي كتبها الله لهن .
وإنما نصب " المتاع " لأن في قوله : "
وصية لأزواجهم " معنى متعهن الله ، فقيل : " متاعا " مصدرا من معناه لا من لفظه .
وقوله : " غير إخراج " فإن معناه أن الله - تعالى ذكره - جعل ما جعل لهن من الوصية متاعا منه لهن إلى الحول ، لا إخراجا من مسكن زوجها يعني : لا إخراج فيه منه حتى ينقضي الحول . فنصب " غير " على النعت ل " المتاع " كقول القائل : " هذا قيام غير قعود " بمعنى : هذا قيام لا قعود معه ، أو : لا قعود فيه .
وقد زعم بعضهم أنه منصوب بمعنى : لا تخرجوهن إخراجا ، وذلك خطأ من القول . لأن ذلك إذا نصب على هذا التأويل ، كان نصبه من كلام آخر غير الأول ، وإنما هو منصوب بما نصب " المتاع " على النعت له .