[ ص: 261 ] القول في تأويل
قوله ( فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم ( 240 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : أن المتاع الذي جعله الله لهن إلى الحول في مال أزواجهن بعد وفاتهم وفي مساكنهم ، ونهى ورثته عن إخراجهن ، إنما هو لهن ما أقمن في مساكن أزواجهن ، وأن حقوقهن من ذلك تبطل بخروجهن إن خرجن من منازل أزواجهن قبل الحول من قبل أنفسهن ، بغير إخراج من ورثة الميت .
ثم أخبر - تعالى ذكره - أنه لا حرج على أولياء الميت في خروجهن وتركهن الحداد على أزواجهن . لأن المقام حولا في بيوت أزواجهن والحداد عليه تمام حول كامل ، لم يكن فرضا عليهن ، وإنما كان ذلك إباحة من الله - تعالى ذكره - لهن إن أقمن تمام الحول محدات . فأما إن خرجن فلا جناح على أولياء الميت ولا عليهن فيما فعلن في أنفسهن من معروف ، وذلك ترك الحداد . يقول : فلا حرج عليكم في التزين إن تزين وتطيبن وتزوجن ، لأن ذلك لهن .
وإنما قلنا : " لا حرج عليهن في خروجهن " وإن كان إنما قال - تعالى ذكره - : " فلا جناح عليكم " لأن ذلك لو كان عليهن فيه جناح ، لكان على أولياء الرجل فيه جناح بتركهم إياهن والخروج ، مع قدرتهم على منعهن من ذلك . ولكن لما لم يكن عليهن جناح في خروجهن وترك الحداد ، وضع عن أولياء الميت وغيرهم الحرج فيما فعلن من معروف ، وذلك في أنفسهن .
وقد مضت الرواية عن أهل التأويل بما قلناه في ذلك قبل .
وأما قوله : " والله عزيز حكيم " فإنه يعني - تعالى ذكره - : " والله عزيز " في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه وتعدى حدوده من الرجال والنساء ، فمنع من
[ ص: 262 ] كان من الرجال نساءهم وأزواجهم ما فرض لهن عليهم في الآيات التي مضت قبل من المتعة والصداق والوصية ، وإخراجهن قبل انقضاء الحول ، وترك المحافظة على الصلوات وأوقاتها ، ومنع من كان من النساء ما ألزمهن الله من التربص عند وفاة أزواجهن عن الأزواج ، وخالف أمره في المحافظة على أوقات الصلوات " حكيم " فيما قضى بين عباده من قضاياه التي قد تقدمت في الآيات قبل قوله : " والله عزيز حكيم " وفي غير ذلك من أحكامه وأقضيته .