القول في تأويل
قوله ( والله يقبض ويبسط )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بذلك : أنه الذي بيده قبض أرزاق العباد وبسطها ، دون غيره ممن ادعى أهل الشرك به أنهم آلهة ، واتخذوه ربا دونه يعبدونه . وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي : -
5623 - حدثنا به
محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا : حدثنا
حجاج وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12135عبد الملك بن محمد الرقاشي قال : حدثنا
حجاج وأبو ربيعة قالا : حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
ثابت وحميد وقتادة ، عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810220غلا السعر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فقالوا : يا رسول الله ، غلا السعر فأسعر لنا! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله الباسط القابض الرازق ، وإني لأرجو أن ألقى الله ليس أحد يطلبني بمظلمة في نفس ومال " . .
[ ص: 289 ] قال
أبو جعفر : يعني بذلك - صلى الله عليه وسلم - : أن الغلاء والرخص والسعة والضيق بيد الله دون غيره . فكذلك قوله - تعالى ذكره - : ، "
والله يقبض ويبسط " يعني بقوله : " يقبض " يقتر بقبضه الرزق عمن يشاء من خلقه ويعني بقوله : و " يبسط " يوسع ببسطة الرزق على من يشاء منهم .
وإنما أراد - تعالى ذكره - بقيله ذلك ، حث عباده المؤمنين - الذين قد بسط عليهم من فضله ، فوسع عليهم من رزقه - على تقوية ذوي الإقتار منهم بماله ، ومعونته بالإنفاق عليه وحمولته على النهوض لقتال عدوه من المشركين في سبيله ، فقال - تعالى ذكره - : من يقدم لنفسه ذخرا عندي بإعطائه ضعفاء المؤمنين وأهل الحاجة منهم ما يستعين به على القتال في سبيلي ، فأضاعف له من ثوابي أضعافا كثيرة مما أعطاه وقواه به؟ فإني - أيها الموسع - الذي قبضت الرزق عمن ندبتك إلى معونته وإعطائه ، لأبتليه بالصبر على ما ابتليته به والذي بسطت عليك لأمتحنك بعملك فيما بسطت عليك ، فأنظر كيف طاعتك إياي فيه ، فأجازي كل واحد منكما على قدر طاعتكما لي فيما ابتليتكما فيه وامتحنتكما به ، من غنى وفاقة ، وسعة وضيق ، عند رجوعكما إلي في آخرتكما ، ومصيركما إلي في معادكما .
[ ص: 290 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال من بلغنا قوله من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5624 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " الآية ، قال : علم أن فيمن يقاتل في سبيله من لا يجد قوة ، وفيمن لا يقاتل في سبيله من يجد غنى ، فندب هؤلاء فقال : "
من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط " ؟ قال : بسط عليك وأنت ثقيل عن الخروج لا تريده ، وقبض عن هذا وهو يطيب نفسا بالخروج ويخف له ، فقوه مما في يدك يكن لك في ذلك حظ .