[ ص: 335 ] القول في تأويل
قوله ( تحمله الملائكة )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في صفة حمل الملائكة ذلك التابوت .
فقال بعضهم : معنى ذلك : تحمله بين السماء والأرض ، حتى تضعه بين أظهرهم .
ذكر من قال ذلك :
5701 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه ، حتى وضعته عند
طالوت .
5702 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد : لما قال لهم - يعني - النبي
لبني إسرائيل : " والله يؤتي ملكه من يشاء " . قالوا : فمن لنا بأن الله هو آتاه هذا ! ما هو إلا لهواك فيه ! قال : إن كنتم قد كذبتموني واتهمتموني ، فإن آية ملكه : " أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم " الآية . قال : فنزلت الملائكة بالتابوت نهارا ينظرون إليه عيانا ، حتى وضعوه بين أظهرهم ، فأقروا غير راضين ، وخرجوا ساخطين ، وقرأ حتى بلغ : "
والله مع الصابرين " .
5703 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : لما قال لهم نبيهم : "
إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم " قالوا : فإن كنت صادقا فأتنا بآية أن هذا ملك ! قال : "
إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " . وأصبح التابوت وما فيه في دار
طالوت ، فآمنوا بنبوة شمعون ، وسلموا ملك
طالوت .
5704 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
[ ص: 336 ] معمر ، عن
قتادة في قوله : "
تحمله الملائكة " قال : تحمله حتى تضعه في بيت
طالوت .
وقال آخرون : معنى ذلك : تسوق الملائكة الدواب التي تحمله .
ذكر من قال ذلك :
5705 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
الثوري ، عن بعض أشياخه قال : تحمله الملائكة على عجلة على بقرة .
5706 - حدثنا
الحسن قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
عبد الصمد بن معقل : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه يقول : وكل بالبقرتين اللتين سارتا بالتابوت أربعة من الملائكة يسوقونهما ، فسارت البقرتان بهما سيرا سريعا ، حتى إذا بلغتا طرف القدس ذهبتا .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : " حملت التابوت الملائكة حتى وضعته لها في دار
طالوت قائما بين أظهر
بني إسرائيل " . وذلك أن الله - تعالى ذكره - قال : " تحمله الملائكة " ولم يقل : تأتي به الملائكة . وما جرته البقر على عجل - وإن كانت الملائكة هي سائقتها - فهي غير حاملته ؛ لأن " الحمل " المعروف هو مباشرة الحامل بنفسه حمل ما حمل ، فأما ما حمله على غيره - وإن كان جائزا في اللغة أن يقال " حمله " بمعنى معونته الحامل ، وبأن حمله كان عن سببه - فليس سبيله سبيل ما باشر حمله بنفسه ، في تعارف الناس إياه
[ ص: 337 ] بينهم . وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من اللغات ، أولى من توجيهه إلى الأنكر ، ما وجد إلى ذلك سبيل .