[ ص: 386 ] القول في تأويل
قوله تعالى ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )
قال
أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى على تأويل قوله : " الله " .
وأما تأويل قوله : " لا إله إلا هو " فإن معناه : النهي عن أن يعبد شيء غير الله الحي القيوم الذي صفته ما وصف به نفسه - تعالى ذكره - في هذه الآية . يقول : " الله " الذي له عبادة الخلق " الحي القيوم " لا إله سواه ، لا معبود سواه ، يعني : ولا تعبدوا شيئا سوى الحي القيوم الذي لا يأخذه سنة ولا نوم ، والذي صفته ما وصف في هذه الآية .
وهذه الآية إبانة من الله - تعالى ذكره - للمؤمنين به وبرسوله عما جاءت به أقوال المختلفين في البينات من بعد الرسل الذين أخبرنا - تعالى ذكره - أنه فضل بعضهم على بعض واختلفوا فيه ، فاقتتلوا فيه كفرا به من بعض ، وإيمانا به من بعض . فالحمد لله الذي هدانا للتصديق به ، ووفقنا للإقرار .
وأما قوله : " الحي " فإنه يعني : الذي له الحياة الدائمة ، والبقاء الذي لا أول له بحد ، ولا آخر له بأمد ، إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حيا
[ ص: 387 ] فلحياته أول محدود ، وآخر ممدود ، ينقطع بانقطاع أمدها ، وينقضي بانقضاء غايتها .
وبما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5763 - حدثت عن
عمار بن الحسن قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قوله : " الحي " حي لا يموت .
5764 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع مثله .
قال
أبو جعفر : وقد اختلف أهل البحث في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : إنما سمى الله نفسه " حيا " لصرفه الأمور مصارفها وتقديره الأشياء مقاديرها ، فهو حي بالتدبير لا بحياة .
وقال آخرون : بل هو حي بحياة هي له صفة .
وقال آخرون : بل ذلك اسم من الأسماء تسمى به ، فقلناه تسليما لأمره .
[ ص: 388 ]
وأما قوله : " القيوم " فإنه " الفيعول " من " القيام " وأصله " القيووم " : سبق عين الفعل ، وهي " واو " " ياء " ساكنة ، فأدغمتا فصارتا " ياء " مشددة .
وكذلك تفعل العرب في كل " واو " كانت للفعل عينا ، سبقتها " ياء " ساكنة . ومعنى قوله : " القيوم " القائم برزق ما خلق وحفظه ، كما قال أمية :
لم تخلق السماء والنجوم والشمس معها قمر يعوم قدره المهيمن القيوم
والجسر والجنة والجحيم إلا لأمر شأنه عظيم
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5765 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : " القيوم " قال : القائم على كل شيء .
5766 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق ، عن
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : " القيوم " قيم كل شيء ، يكلؤه ويرزقه ويحفظه .
5767 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " القيوم " وهو القائم .
[ ص: 389 ]
5768 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
أبو زهير ، عن
جويبر ، عن
الضحاك : " الحي القيوم " قال : القائم الدائم .