القول في تأويل
قوله تعالى ( لا تأخذه سنة ولا نوم )
قال
أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " لا تأخذه سنة " لا يأخذه نعاس فينعس ، ولا نوم فيستثقل نوما .
" والوسن " خثورة النوم ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16557عدي بن الرقاع :
وسنان أقصده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم
[ ص: 390 ]
ومن الدليل على ما قلنا من أنها خثورة النوم في عين الإنسان ، قول
الأعشى ميمون بن قيس :
تعاطي الضجيع إذا أقبلت بعيد النعاس وقبل الوسن
وقال آخر :
باكرتها الأغراب في سنة النو م فتجري خلال شوك السيال
[ ص: 391 ]
يعني عند هبوبها من النوم ووسن النوم في عينها ، يقال منه : " وسن فلان فهو يوسن وسنا وسنة وهو وسنان " إذا كان كذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
5769 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله تعالى : " لا تأخذه سنة " قال : السنة : النعاس ، والنوم : هو النوم .
5770 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : " لا تأخذه سنة " السنة : النعاس .
5771 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة والحسن في قوله : "
لا تأخذه سنة " قالا نعسة .
5772 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك في قوله : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " قال : السنة : الوسنة ، وهو دون النوم ، والنوم : الاستثقال ،
5773 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
أبو زهير ، عن
[ ص: 392 ] جويبر ، عن
الضحاك : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " السنة : النعاس ، والنوم : الاستثقال .
5774 - حدثني
يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا
يزيد قال : أخبرنا
جويبر ، عن
الضحاك مثله سواء .
5775 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " أما " سنة " فهو ريح النوم الذي يأخذ في الوجه فينعس الإنسان .
5776 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " قال : " السنة " الوسنان بين النائم واليقظان .
5777 - حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14745عباس بن أبي طالب قال : حدثنا
منجاب بن الحرث قال : حدثنا
علي بن مسهر ، عن
إسماعيل عن
يحيى بن رافع : "
لا تأخذه سنة " قال : النعاس .
5778 - حدثني
يونس ، قال أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " قال : " الوسنان " : الذي يقوم من النوم لا يعقل ، حتى
[ ص: 393 ] ربما أخذ السيف على أهله .
قال
أبو جعفر : وإنما عنى - تعالى ذكره - بقوله : "
لا تأخذه سنة ولا نوم " لا تحله الآفات ، ولا تناله العاهات . وذلك أن " السنة " " والنوم " معنيان يغمران فهم ذي الفهم ، ويزيلان من أصاباه عن الحال التي كان عليها قبل أن يصيباه .
فتأويل الكلام - إذ كان الأمر على ما وصفنا - : "
الله لا إله إلا هو الحي " الذي لا يموت " القيوم " على كل ما هو دونه بالرزق والكلاءة والتدبير والتصريف من حال إلى حال "
لا تأخذه سنة ولا نوم " لا يغيره ما يغير غيره ، ولا يزيله عما لم يزل عليه تنقل الأحوال وتصريف الليالي والأيام ، بل هو الدائم على حال ، والقيوم على جميع الأنام ، لو نام كان مغلوبا مقهورا ؛ لأن النوم غالب النائم قاهره ، ولو وسن لكانت السماوات والأرض وما فيهما دكا ؛ لأن قيام جميع ذلك بتدبيره وقدرته ، والنوم شاغل المدبر عن التدبير ، والنعاس مانع المقدر عن التقدير بوسنه كما :
5779 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر قال : أخبرني
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة مولى
ابن عباس في قوله : " لا تأخذه سنة ولا نوم " أن
موسى سأل الملائكة : هل ينام الله ؟ فأوحى الله إلى الملائكة ، وأمرهم أن يؤرقوه ثلاثا فلا يتركوه ينام . ففعلوا ، ثم أعطوه قارورتين فأمسكوه ، ثم تركوه وحذروه أن يكسرهما . قال : فجعل ينعس وهما في يديه ،
[ ص: 394 ] في كل يد واحدة . قال : فجعل ينعس وينتبه ، وينعس وينتبه ، حتى نعس نعسة ، فضرب بإحداهما الأخرى فكسرهما . قال
معمر : إنما هو مثل ضربه الله ، يقول : فكذلك السماوات والأرض في يديه .
5780 - حدثنا
إسحاق بن أبي إسرائيل قال : حدثنا
هشام بن يوسف ، عن
أمية بن شبل ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي عن
موسى - صلى الله عليه وسلم - على المنبر ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811995وقع في نفس موسى : هل ينام الله - تعالى ذكره - ؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة ، أمره أن يحتفظ بهما . قال : فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى ، ثم نام نومة فاصطفقت يداه وانكسرت القارورتان . قال : ضرب الله مثلا له أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض .