القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ( 278 ) )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بذلك : " يا أيها الذين آمنوا " صدقوا بالله وبرسوله " اتقوا الله " يقول : خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به ، والانتهاء عما نهاكم عنه " وذروا " يعني : ودعوا " ما بقي من الربا " يقول : اتركوا طلب ما بقي لكم من فضل على رءوس أموالكم التي كانت لكم قبل أن تربوا عليها " إن كنتم مؤمنين " يقول : إن كنتم محققين إيمانكم قولا وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم . .
قال
أبو جعفر : وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم أسلموا ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم ، فكانوا قد قبضوا بعضه منهم ، وبقي بعض ، فعفا الله - جل ثناؤه - لهم عما كانوا قد قبضوه قبل نزول هذه الآية ، وحرم عليهم اقتضاء ما بقي منه .
ذكر من قال ذلك :
6258 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا " إلى : " ولا تظلمون " قال : نزلت هذه الآية في
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ورجل من
بني المغيرة ، كانا
[ ص: 23 ] شريكين في الجاهلية ، يسلفان في الربا إلى أناس من
ثقيف من
بني عمرو وهم
بنو عمرو بن عمير ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله "
ذروا ما بقي " من فضل كان في الجاهلية " من الربا " .
6259 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " قال : كانت ثقيف قد صالحت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع . فلما كان الفتح ، استعمل عتاب بن أسيد على مكة ، وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة ، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية ، فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير . فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم ، فأبي بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ، ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد ، فكتب عتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " إلى " ولا تظلمون " . فكتب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عتاب وقال : " إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عكرمة قوله : "
اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا " قال : كانوا يأخذون الربا على
بني المغيرة ، يزعمون أنهم
مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة ، بنو عمرو بن عمير ، فهم الذين كان لهم الربا على
بني المغيرة ، فأسلم
عبد ياليل وحبيب وربيعة وهلال ومسعود .
6260 - حدثني
يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
جويبر ، [ ص: 24 ] عن
الضحاك في قوله : "
اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " قال : كان ربا يتبايعون به في الجاهلية ، فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم .