القول في
تأويل قوله ( ابتغاء الفتنة )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : معنى ذلك : ابتغاء الشرك .
ذكر من قال ذلك :
6616 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
ابتغاء الفتنة " قال : إرادة الشرك .
6617 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : (
ابتغاء الفتنة ) يعني الشرك .
[ ص: 197 ]
وقال آخرون : معنى ذلك : ابتغاء الشبهات .
ذكر من قال ذلك :
6618 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم عن
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : "
ابتغاء الفتنة " قال : الشبهات بها أهلكوا .
6619 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد في قوله : "
ابتغاء الفتنة " الشبهات ، قال : هلكوا به .
6620 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
مجاهد : "
ابتغاء الفتنة " قال : الشبهات . قال : والشبهات ما أهلكوا به .
6621 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة عن
ابن إسحاق عن
محمد بن جعفر بن الزبير : "
ابتغاء الفتنة " أي اللبس .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : " إرادة الشبهات واللبس " .
فمعنى الكلام إذا : فأما الذين في قلوبهم هيل عن الحق وحيف عنه فيتبعون من آي الكتاب ما تشابهت ألفاظه ، واحتمل صرف صارفه في وجوه التأويلات - باحتماله المعاني المختلفة - إرادة اللبس على نفسه وعلى غيره ، احتجاجا به على باطله الذي مال إليه قلبه ، دون الحق الذي أبانه الله فأوضحه بالمحكمات من آي كتابه .
[ ص: 198 ]
قال
أبو جعفر : وهذه الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا أنها نزلت فيه من أهل الشرك ، فإنه معني بها كل مبتدع في دين الله بدعة فمال قلبه إليها ، تأويلا منه لبعض متشابه آي القرآن ، ثم حاج به وجادل به أهل الحق ، وعدل عن الواضح من أدلة آيه المحكمات إرادة منه بذلك اللبس على أهل الحق من المؤمنين ، وطلبا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك ، كائنا من كان ، وأي أصناف المبتدعة كان من أهل
النصرانية كان أو
اليهودية أو
المجوسية ، أو كان
سبئيا ، أو
حروريا ، أو
قدريا ، أو
جهميا ، كالذي قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810247 " فإذا رأيتم الذين يجادلون به ، فهم الذين عنى الله ، فاحذروهم " ، وكما : -
6622 - حدثني
يونس قال أخبرنا
سفيان عن
معمر عن
ابن طاوس عن أبيه ، عن
ابن عباس - وذكر عنده
الخوارج وما يلفون عند القرآن ، فقال : يؤمنون بمحكمه ، ويهلكون عند متشابهه ! وقرأ
ابن عباس : " وما يعلم تأويله إلا الله " الآية .
قال
أبو جعفر : وإنما قلنا القول الذي ذكرنا أنه أولى التأويلين بقوله : "
ابتغاء الفتنة " لأن الذين نزلت فيهم هذه الآية كانوا أهل شرك ، وإنما أرادوا بطلب تأويل ما طلبوا تأويله اللبس على المسلمين ، والاحتجاج به عليهم ، ليصدوهم
[ ص: 199 ] عما هم عليه من الحق ، فلا معنى لأن يقال : " فعلوا ذلك إرادة الشرك " وهم قد كانوا مشركين .