[ ص: 223 ] القول في
تأويل قوله ( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب ( 11 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا عند حلول عقوبتنا بهم ، كسنة آل فرعون وعادتهم " والذين من قبلهم " من الأمم الذين كذبوا بآياتنا ، فأخذناهم بذنوبهم فأهلكناهم حين كذبوا بآياتنا ، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا حين جاءهم بأسنا ، كالذين عوجلوا بالعقوبة على تكذيبهم ربهم من قبل آل فرعون : من قوم
نوح وقوم
هود وقوم
لوط وأمثالهم .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " كدأب آل فرعون " .
فقال بعضهم : معناه : كسنتهم .
ذكر من قال ذلك :
6659 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق بن الحجاج قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : " كدأب آل فرعون " يقول : كسنتهم .
وقال بعضهم : معناه : كعملهم .
ذكر من قال ذلك :
6660 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
مؤمل قال : حدثنا
سفيان [ ص: 224 ] وحدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو نعيم قال : حدثنا
سفيان جميعا ، عن
جويبر عن
الضحاك : " كدأب آل فرعون " قال : كعمل آل فرعون .
6661 - حدثنا
يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
جويبر عن
الضحاك في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كعمل آل فرعون .
6662 - حدثني
يونس قال أخبرنا
ابن وهب قال قال
ابن زيد في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كفعلهم ، كتكذيبهم حين كذبوا الرسل وقرأ قول الله : (
مثل دأب قوم نوح ) [ سورة غافر : 31 ] ، أن يصيبكم مثل الذي أصابهم عليه من عذاب الله . قال : الدأب العمل .
6663 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953أبو تميلة يحيى بن واضح عن
أبي حمزة عن
جابر عن
عكرمة ومجاهد في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كفعل آل فرعون ، كشأن آل فرعون .
6664 - حدثت عن
المنجاب قال : حدثنا
بشر بن عمارة عن
أبي روق عن
الضحاك عن
ابن عباس في قوله : " كدأب آل فرعون " قال : كصنع آل فرعون .
وقال آخرون : معنى ذلك : كتكذيب آل فرعون .
ذكر من قال ذلك :
6665 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم " ذكر الذين كفروا وأفعال تكذيبهم ، كمثل تكذيب الذين من قبلهم في الجحود والتكذيب .
قال
أبو جعفر : وأصل " الدأب " من : " دأبت في الأمر دأبا " إذا أدمنت
[ ص: 225 ] العمل والتعب فيه . ثم إن العرب نقلت معناه إلى الشأن ، والأمر ، والعادة ، كما قال
امرؤ القيس بن حجر :
وإن شفائي عبرة مهراقة فهل عند رسم دارس من معول كدأبك من أم الحويرث قبلها
وجارتها أم الرباب بمأسل
يعني بقوله : " كدأبك " كشأنك وأمرك وفعلك . يقال منه : " هذا دأبي ودأبك أبدا " . يعني به فعلي وفعلك ، وأمري وأمرك ، وشأني وشأنك ، يقال منه : " دأبت دؤوبا ودأبا " . وحكي عن العرب سماعا : " دأبت دأبا " مثقلة محركة الهمزة ، كما قيل : " هذا شعر ، ونهر " فتحرك ثانيه لأنه حرف من الحروف الستة ، فألحق " الدأب " إذ كان ثانيه من الحروف الستة ، كما قال الشاعر :
له نعل لا تطبي الكلب ريحها وإن وضعت بين المجالس شمت
وأما قوله : "
والله شديد العقاب " فإنه يعني به : والله شديد عقابه لمن كفر به وكذب رسله بعد قيام الحجة عليه .