[ ص: 294 ] القول في
تأويل قوله ( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( 25 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " فكيف إذا جمعناهم " فأي حال يكون حال هؤلاء القوم الذين قالوا هذا القول ، وفعلوا ما فعلوا من إعراضهم عن كتاب الله ، واغترارهم بربهم ، وافترائهم الكذب ؟ وذلك من الله - عز وجل - وعيد لهم شديد ، وتهديد غليظ .
وإنما يعني بقوله : " فكيف إذا جمعناهم . . . " الآية : فما أعظم ما يلقون من عقوبة الله وتنكيله بهم إذا جمعهم ليوم يوفى كل عامل جزاء عمله على قدر استحقاقه ، غير مظلوم فيه ، لأنه لا يعاقب فيه إلا على ما اجترم ، ولا يؤاخذ إلا بما عمل ، يجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، لا يخاف أحد من خلقه منه يومئذ ظلما ولا هضما .
فإن قال قائل : وكيف قيل : "
فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه " ولم يقل : في يوم لا ريب فيه ؟
قيل : لمخالفة معنى " اللام " في هذا الموضع معنى " في " . وذلك أنه لو كان مكان " اللام " " في " لكان معنى الكلام : فكيف إذا جمعناهم في يوم القيامة ، ماذا يكون لهم من العذاب والعقاب ؟ وليس ذلك المعنى في دخول " اللام " ولكن معناه مع " اللام " : فكيف إذا جمعناهم لما يحدث في يوم لا ريب فيه ، ولما يكون في ذلك اليوم من فصل الله القضاء بين خلقه ، ماذا لهم حينئذ من العقاب وأليم العذاب ؟ فمع " اللام " في " ليوم لا ريب فيه " نية فعل ، وخبر مطلوب قد
[ ص: 295 ] ترك ذكره ، أجزأت دلالة دخول " اللام " في " اليوم " عليه منه . وليس ذلك مع " في " فلذلك اختيرت " اللام " فأدخلت في " اليوم " دون " في " .
وأما تأويل قوله : " لا ريب فيه " فإنه : لا شك في مجيئه . وقد دللنا على أنه كذلك بالأدلة الكافية ، مع ذكر من قال ذلك في تأويله فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .
وعنى بقوله : " ووفيت " ووفى الله " كل نفس ما كسبت " يعني : ما عملت من خير وشر " وهم لا يظلمون " يعني أنه لا يبخس المحسن جزاء إحسانه ، ولا يعاقب مسيئا بغير جرمه .