[ ص: 311 ] القول في تأويل قوله ( وترزق من تشاء بغير حساب ( 27 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : أنه يعطى من يشاء من خلقه فيجود عليه ، بغير محاسبة منه لمن أعطاه ، لأنه لا يخاف دخول انتقاص في خزائنه ، ولا الفناء على ما بيده ، كما : -
6823 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : " وترزق من تشاء بغير حساب " قال : يخرج الرزق من عنده بغير حساب ، لا يخاف أن ينقص ما عنده تبارك وتعالى .
قال
أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : اللهم يا مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ، دون من ادعى الملحدون أنه لهم إله ورب وعبدوه دونك ، أو اتخذوه شريكا معك ، أو أنه لك ولد وبيدك القدرة التي تفعل هذه الأشياء وتقدر بها على كل شيء ، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ، فتنقص من هذا وتزيد في هذا ، وتنقص من هذا وتزيد في هذا ، وتخرج من ميت حيا ومن حي ميتا ، وترزق من تشاء بغير حساب من خلقك ، لا يقدر على ذلك أحد سواك ، ولا يستطيعه غيرك ، كما : -
6824 - حدثني
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
محمد بن جعفر بن الزبير : "
تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ، أي : بتلك القدرة يعني : بالقدرة التي تؤتي
[ ص: 312 ] الملك بها من تشاء وتنزعه ممن تشاء " وترزق من تشاء بغير حساب " لا يقدر على ذلك غيرك ، ولا يصنعه إلا أنت . أي : فإن كنت سلطت
عيسى على الأشياء التي بها يزعمون أنه إله : من إحياء الموتى ، وإبراء الأسقام ، والخلق للطير من الطين ، والخبر عن الغيوب ، لتجعله آية للناس ، وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه - فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه : تمليك الملوك ، وأمر النبوة ووضعها حيث شئت ، وإيلاج الليل في النهار والنهار في الليل ، وإخراج الحي من الميت والميت من الحي ، ورزق من شئت من بر أو فاجر بغير حساب . فكل ذلك لم أسلط
عيسى عليه ، ولم أملكه إياه ، فلم تكن لهم في ذلك عبرة وبينة : أن لو كان إلها ، لكان ذلك كله إليه ، وهو في علمهم يهرب من الملوك ، وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد ! !