[ ص: 428 ] القول في تأويل قوله ( وأبرئ الأكمه والأبرص )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : " وأبرئ " وأشفي . يقال منه : " أبرأ الله المريض " إذا شفاه منه ، " فهو يبرئه إبراء " و " برأ المريض فهو يبرأ برءا " وقد يقال أيضا : " برئ المريض فهو يبرأ " لغتان معروفتان .
واختلف أهل التأويل في معنى " الأكمه " .
فقال بعضهم : هو الذي لا يبصر بالليل ، ويبصر بالنهار .
ذكر من قال ذلك :
7088 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "
وأبرئ الأكمه " قال : الأكمه الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ، فهو يتكمه .
7089 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
وقال آخرون : هو الأعمى الذي ولدته أمه كذلك .
ذكر من قال ذلك :
7090 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : كنا نحدث أن " الأكمه " الذي ولد وهو أعمى مغموم العينين .
7091 - حدثني
المثنى قال حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
قتادة ، في قوله : "
وأبرئ الأكمه والأبرص " قال : كنا نحدث أن الأكمه الذي يولد وهو أعمى ، مضموم العينين .
[ ص: 429 ]
7092 - حدثت عن
المنجاب قال : حدثنا
بشر ، عن
عمارة ، عن
أبي روق ، عن
الضحاك ، عن
ابن عباس قال : الأكمه ، الذي يولد وهو أعمى .
وقال آخرون : بل هو الأعمى .
ذكر من قال ذلك :
7093 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
وأبرئ الأكمه " هو الأعمى .
7094 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : الأعمى .
7095 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
وأبرئ الأكمه " قال : الأكمه الأعمى .
7096 - حدثني
محمد بن سنان قال : حدثنا
أبو بكر الحنفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور عن
الحسن في قوله : "
وأبرئ الأكمه " قال : الأعمى .
وقال آخرون : هو الأعمش .
ذكر من قال ذلك :
7097 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
حفص بن عمر ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة في قوله : "
وأبرئ الأكمه " قال : الأعمش .
قال
أبو جعفر : والمعروف عند العرب من معنى " الكمه " العمى ، يقال منه : " كمهت عينه فهي تكمه كمها ، وأكمهتها أنا " إذا أعميتها ، كما قال
سويد بن أبي كاهل :
[ ص: 430 ] كمهت عينيه حتى ابيضتا فهو يلحى نفسه لما نزع
ومنه قول رؤبة :
هرجت فارتد ارتداد الأكمه في غائلات الحائر المتهته
وإنما أخبر الله - عز وجل - عن
عيسى صلوات الله عليه أنه يقول ذلك لبني إسرائيل ، احتجاجا منه بهذه العبر والآيات عليهم في نبوته ، وذلك أن : الكمه والبرص لا علاج لهما ، فيقدر على إبرائه ذو طب بعلاج ، فكان ذلك من أدلته على صدق قيله : إنه لله رسول ، لأنه من المعجزات ، مع سائر الآيات التي أعطاه الله إياها دلالة على نبوته .
فأما ما قال
عكرمة من أن " الكمه " العمش ، وما قاله
مجاهد : من أنه
[ ص: 431 ] سوء البصر بالليل ، فلا معنى لهما . لأن الله لا يحتج على خلقه بحجة تكون لهم السبيل إلى معارضته فيها ، ولو كان مما احتج به
عيسى على بني إسرائيل في نبوته ، أنه يبرئ الأعمش ، أو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ، لقدروا على معارضته بأن يقولوا : " وما في هذا لك من الحجة ، وفينا خلق ممن يعالج ذلك ، وليسوا لله أنبياء ولا رسلا "
ففي ذلك دلالة بينة على صحة ما قلنا ، من أن " الأكمه " هو الأعمى الذي لا يبصر شيئا لا ليلا ولا نهارا . وهو بما قال
قتادة : - من أنه المولود كذلك - أشبه ، لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد من البشر ، إلا من أعطاه الله مثل الذي أعطى
عيسى ، وكذلك علاج الأبرص .