[ ص: 441 ] القول في تأويل قوله ( فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ( 51 ) ( 50 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك : وجئتكم بآية من ربكم تعلمون بها يقينا صدقي فيما أقول " فاتقوا الله " يا معشر بني إسرائيل ، فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على
موسى ، فأوفوا بعهده الذي عاهدتموه فيه " وأطيعون " فيما دعوتكم إليه من تصديقي فيما أرسلني به إليكم ربي وربكم ، فاعبدوه ، فإنه بذلك أرسلني إليكم ، وبإحلال بعض ما كان محرما عليكم في كتابكم ، وذلك هو الطريق القويم ، والهدى المتين الذي لا اعوجاج فيه ، كما : -
7119 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق ، عن
محمد بن جعفر بن الزبير : "
فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم " تبريا من الذي يقولون فيه - يعني : ما يقول فيه
النصارى - واحتجاجا لربه عليهم "
فاعبدوه هذا صراط مستقيم " أي : هذا الذي قد حملتكم عليه وجئتكم به .
قال
أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة قوله : "
إن الله ربي وربكم فاعبدوه " .
فقرأته عامة قرأة الأمصار : (
إن الله ربي وربكم فاعبدوه ) بكسر " ألف " " إن " على ابتداء الخبر .
وقرأه بعضهم : ( أن الله ربي وربكم ) ، بفتح " ألف " " إن " بتأويل :
[ ص: 442 ] وجئتكم بآية من ربكم ، أن الله ربي وربكم ، على رد " أن " على " الآية " والإبدال منها .
قال
أبو جعفر : والصواب من القراءة عندنا ما عليه قرأة الأمصار ، وذلك كسر ألف " إن " على الابتداء ، لإجماع الحجة من القرأة على صحة ذلك . وما اجتمعت عليه فحجة ، وما انفرد به المنفرد عنها فرأي . ولا يعترض بالرأي على الحجة .
وهذه الآية وإن كان ظاهرها خبرا ، ففيه الحجة البالغة من الله لرسوله
محمد - صلى الله عليه وسلم - على الوفد الذين حاجوه من
أهل نجران ، بإخبار الله - عز وجل - عن أن
عيسى كان بريئا مما نسبه إليه من نسبه إلى غير الذي وصف به نفسه ، من أنه لله عبد كسائر عبيده من أهل الأرض ، إلا ما كان الله - جل ثناؤه - خصه به من النبوة والحجج التي آتاه دليلا على صدقه - كما آتى سائر المرسلين غيره من الأعلام والأدلة على صدقهم - وحجة على نبوته .