القول في تأويل قوله ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ( 54 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل ، وهم الذين ذكر الله أن
عيسى أحس منهم الكفر .
وكان مكرهم الذي وصفهم الله به ، مواطأة بعضهم بعضا على الفتك
بعيسى وقتله ، وذلك أن
عيسى صلوات الله عليه ، بعد إخراج قومه إياه وأمه من بين أظهرهم ، عاد إليهم ، فيما : -
7131 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ثم إن
عيسى سار بهم يعني :
بالحواريين الذين كانوا
[ ص: 454 ] يصطادون السمك ، فآمنوا به واتبعوه إذ دعاهم حتى أتى بني إسرائيل ليلا فصاح فيهم ، فذلك قوله : (
فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ) الآية [ سورة الصف : 14 ] .
وأما مكر الله بهم : فإنه - فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي - إلقاؤه شبه
عيسى على بعض أتباعه حتى قتله الماكرون
بعيسى ، وهم يحسبونه
عيسى ، وقد رفع الله - عز وجل -
عيسى قبل ذلك ، كما : -
7132 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ثم إن بني إسرائيل حصروا
عيسى وتسعة عشر رجلا من
الحواريين في بيت ، فقال
عيسى لأصحابه : من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة ؟ فأخذها رجل منهم ، وصعد
بعيسى إلى السماء ، فذلك قوله : "
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " . فلما خرج
الحواريون أبصروهم تسعة عشر ، فأخبروهم أن
عيسى قد صعد به إلى السماء ، فجعلوا يعدون القوم فيجدونهم ينقصون رجلا من العدة ، ويرون صورة
عيسى فيهم ، فشكوا فيه . وعلى ذلك قتلوا الرجل وهم يرون أنه
عيسى وصلبوه ، فذلك قول الله - عز وجل - : (
وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) [ سورة النساء : 157 ] .
وقد يحتمل أن يكون معنى " مكر الله بهم " ، استدراجه إياهم ليبلغ الكتاب أجله ، كما قد بينا ذلك في قول الله : (
الله يستهزئ بهم ) [ سورة البقرة : 15 ] .