القول في
تأويل قوله ( بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين ( 76 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا إخبار من الله - عز وجل - عمن أدى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاء الله ومراقبته ، عنده . فقال - جل ثناؤه - : ليس الأمر كما يقول
[ ص: 526 ] هؤلاء الكاذبون على الله من
اليهود ، من أنه ليس عليهم في أموال الأميين حرج ولا إثم ، ثم قال : بلى ، ولكن من أوفى بعهده واتقى - يعني : ولكن الذي أوفى بعهده ، وذلك وصيته إياهم التي أوصاهم بها في التوراة ، من الإيمان
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاءهم به .
و " الهاء " في قوله : "
من أوفى بعهده " عائدة على اسم " الله " في قوله : "
ويقولون على الله الكذب " .
يقول : بلى من أوفى بعهد الله الذي عاهده في كتابه ، فآمن
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وصدق به وبما جاء به من الله ، من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها ، وغير ذلك من أمر الله ونهيه " واتقى " يقول : واتقى ما نهاه الله عنه من الكفر به ، وسائر معاصيه التي حرمها عليه ، فاجتنب ذلك مراقبة وعيد الله وخوف عقابه "
فإن الله يحب المتقين " يعني : فإن الله يحب الذين يتقونه فيخافون عقابه ويحذرون عذابه ، فيجتنبون ما نهاهم عنه وحرمه عليهم ، ويطيعونه فيما أمرهم به .
وقد روي عن
ابن عباس أنه كان يقول : هو اتقاء الشرك .
7277 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثنا
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
بلى من أوفى بعهده واتقى " يقول : اتقى الشرك "
فإن الله يحب المتقين " يقول : الذين يتقون الشرك .
[ ص: 527 ]
وقد بينا اختلاف أهل التأويل في ذلك والصواب من القول فيه ، بالأدلة الدالة عليه ، فيما مضى من كتابنا ، بما فيه الكفاية عن إعادته .