[ ص: 535 ] القول في
تأويل قوله ( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ( 78 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وإن من أهل الكتاب وهم
اليهود الذين كانوا حوالي
مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عهده ، من بني إسرائيل .
و " الهاء والميم " في قوله : " منهم " عائدة على " أهل الكتاب " الذين ذكرهم في قوله : "
ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك " .
وقوله " لفريقا " يعني : جماعة " يلوون " يعني : يحرفون "
ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب " يعني : لتظنوا أن الذي يحرفونه بكلامهم من كتاب الله وتنزيله . يقول الله - عز وجل - : وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فحرفوه وأحدثوه من كتاب الله ، ويزعمون أن ما لووا به ألسنتهم من التحريف والكذب والباطل فألحقوه في كتاب الله " من عند الله " يقول : مما أنزله الله على أنبيائه " وما هو من عند الله " يقول : وما ذلك الذي لووا به ألسنتهم فأحدثوه ، مما أنزله الله إلى أحد من أنبيائه ، ولكنه مما أحدثوه من قبل أنفسهم افتراء على الله .
يقول - عز وجل - : "
ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " يعني بذلك : أنهم يتعمدون قيل الكذب على الله ، والشهادة عليه بالباطل ، والإلحاق بكتاب
[ ص: 536 ] الله ما ليس منه ، طلبا للرياسة والخسيس من حطام الدنيا .
وبنحو ما قلنا في معنى " يلوون ألسنتهم بالكتاب " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
7290 - حدثنا
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : "
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب " قال : يحرفونه .
7291 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
7292 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب " حتى بلغ : " وهم يعلمون " هم أعداء الله
اليهود ، حرفوا كتاب الله ، وابتدعوا فيه ، وزعموا أنه من عند الله .
7293 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع مثله .
7294 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : "
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب " وهم
اليهود ، كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل الله .
7295 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب " قال : فريق من أهل الكتاب " يلوون ألسنتهم " وذلك تحريفهم إياه عن موضعه .
قال
أبو جعفر : وأصل " اللي " الفتل والقلب . من قول القائل : " لوى
[ ص: 537 ] فلان يد فلان " إذا فتلها وقلبها ، ومنه قول الشاعر :
لوى يده الله الذي هو غالبه
يقال منه : " لوى يده ولسانه يلوي ليا " " وما لوى ظهر فلان أحد " إذا لم يصرعه أحد ، ولم يفتل ظهره إنسان " وإنه لألوى بعيد المستمر " إذا كان شديد الخصومة ، صابرا عليها ، لا يغلب فيها ، قال الشاعر :
فلو كان في ليلى شدا من خصومة للويت أعناق الخصوم الملاويا