[ ص: 42 ] (
إن هذا لهو الفوز العظيم ( 60 )
لمثل هذا فليعمل العاملون ( 61 )
أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ( 62 )
إنا جعلناها فتنة للظالمين ( 63 )
إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ( 64 )
طلعها كأنه رءوس الشياطين ( 65 )
فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ( 66 ) )
فيقولون (
إن هذا لهو الفوز العظيم ) وقيل : إنما يقولونه على جهة الحديث بنعمة الله عليهم في أنهم لا يموتون ولا يعذبون . وقيل : يقوله المؤمن لقرينه على جهة التوبيخ بما كان ينكره .
قال الله تعالى : ( لمثل هذا فليعمل العاملون ) أي : لمثل هذا المنزل ولمثل هذا النعيم الذي ذكره من قوله : " أولئك لهم رزق معلوم " إلى " فليعمل العاملون " .
) ( أذلك ) أي : ذلك الذي ذكر لأهل الجنة ، (
خير نزلا أم شجرة الزقوم ) التي هي نزل أهل النار ، والزقوم : ثمرة شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم ، يكره أهل النار على تناولها ، فهم يتزقمونه على أشد كراهية ، ومنه قولهم : تزقم الطعام إذا تناوله على كره ومشقة .
(
إنا جعلناها فتنة للظالمين ) الكافرين وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر ؟ وقال
ابن الزبعرى لصناديد
قريش : إن
محمدا يخوفنا بالزقوم ، والزقوم بلسان بربر : الزبد والتمر ، فأدخلهم
أبو جهل بيته وقال : يا جارية زقمينا ، فأتتهم بالزبد والتمر ، فقال : تزقموا فهذا ما يوعدكم به
محمد .
فقال الله تعالى : (
إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ) قعر النار ، قال
الحسن : أصلها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها .
) ( طلعها ) ثمرها سمي طلعا لطلوعه ، (
كأنه رءوس الشياطين ) قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : هم الشياطين بأعيانهم شبه بها لقبحها ؛ لأن الناس إذا وصفوا شيئا بغاية القبح قالوا : كأنه شيطان ، وإن كانت الشياطين لا ترى لأن قبح صورتها متصور في النفس ، وهذا معنى قول
ابن عباس والقرظي . وقال بعضهم : أراد بالشياطين الحيات ، والعرب تسمي الحية القبيحة المنظر شيطانا .
وقيل : هي شجرة قبيحة مرة منتنة تكون في البادية تسميها العرب رءوس الشياطين .
(
فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ) والملء : حشو الوعاء لا يحتمل الزيادة عليه .
[ ص: 43 ]
(
ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ( 67 )
ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ( 68 )
إنهم ألفوا آباءهم ضالين ( 69 )
فهم على آثارهم يهرعون ( 70 )
ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ( 71 )
ولقد أرسلنا فيهم منذرين ( 72 )
فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ( 73 )
إلا عباد الله المخلصين ( 74 )
ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ( 75 )
ونجيناه وأهله من الكرب العظيم ( 76 ) )