[ ص: 427 ] (
ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ( 4 )
حكمة بالغة فما تغن النذر ( 5 )
فتول عنهم يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر ( 6 )
خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ( 7 ) )
( ولقد جاءهم ) يعني : أهل
مكة (
من الأنباء )
أخبار الأمم المكذبة في القرآن (
ما فيه مزدجر ) [ متناهى ] ، مصدر بمعنى الازدجار ، أي نهي وعظة ، يقال : زجرته وازدجرته إذا نهيته عن السوء ، وأصله : مزتجر ، قلبت التاء دالا .
(
حكمة بالغة ) يعني : القرآن حكمة تامة قد بلغت الغاية (
فما تغن النذر ) يجوز أن تكون " ما " نفيا على معنى : فليست تغني النذر ، ويجوز أن يكون استفهاما والمعنى : فأي شيء تغني النذر إذا خالفوهم وكذبوهم ؟ كقوله : "
وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " ( يونس - 101 ) و " النذر " : جمع نذير .
(
فتول عنهم ) أعرض عنهم نسختها آية القتال . قيل : هاهنا وقف تام . وقيل : (
فتول عنهم يوم يدع الداع ) أي : إلى يوم الداعي ، قال
مقاتل : هو
إسرافيل ينفخ قائما على صخرة
بيت المقدس (
إلى شيء نكر ) [ منكر ] فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما ، قرأ
ابن كثير : " نكر " بسكون الكاف ، والآخرون بضمها .
(
خشعا أبصارهم ) قرأ
أبو عمرو ، ويعقوب ، وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " خاشعا " على الواحد ، وقرأ الآخرون : " خشعا " - بضم الخاء وتشديد الشين - على الجمع . ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد والجمع والتذكير والتأنيث ، تقول : مررت برجال حسن أوجههم ، وحسنة أوجههم ،
وحسان أوجههم ، قال الشاعر :
ورجال حسن أوجههم
من إياد بن نزار بن معد
وفي قراءة
عبد الله : " خاشعة أبصارهم " أي : ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب .
(
يخرجون من الأجداث ) من القبور (
كأنهم جراد منتشر ) منبث حيارى ، وذكر المنتشر
[ ص: 428 ] على لفظ الجراد ، نظيرها : "
كالفراش المبثوث " ، ( القارعة - 4 ) وأراد أنهم
يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم يقصدها ، كالجراد لا جهة لها ، تكون مختلطة بعضها في بعض .