قوله : ( باب الدعاء عند النداء ) أي عند تمام النداء ، وكأن المصنف لم يقيده بذلك اتباعا لإطلاق الحديث كما سيأتي البحث فيه .
قوله : ( حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16633علي بن عياش ) بالياء الأخيرة والشين المعجمة وهو الحمصي من كبار شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولم يلقه من الأئمة الستة غيره ، وقد حدث عنه القدماء بهذا الحديث ، أخرجه أحمد في مسنده عنه ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري مع تقدمه على أحمد عنه ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريقه .
قوله : ( عن محمد بن المنكدر ) ذكر الترمذي أن شعيبا تفرد به عن ابن المنكدر فهو غريب مع صحته ، وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر نحوه ، ووقع في زوائد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : أخبرني ابن المنكدر .
قوله : ( من قال حين يسمع النداء ) أي الأذان ، واللام للعهد ، ويحتمل أن يكون التقدير : من قال حين يسمع نداء المؤذن . وظاهره أنه يقول الذكر المذكور حال سماع الأذان ولا يتقيد بفراغه ، لكن يحتمل أن يكون المراد من النداء تمامه ، إذ المطلق يحمل على الكامل ، ويؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=843619قولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ففي هذا أن ذلك يقال عند فراغ الأذان . واستدل nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بظاهر حديث جابر على أنه لا يتعين إجابة المؤذن بمثل ما يقول ، بل لو اقتصر على الذكر المذكور كفاه . وقد بين حديث عبد الله بن عمرو المراد ، وأن الحين محمول على ما بعد الفراغ ، واستدل به ابن بزيزة على عدم وجوب ذلك لظاهر إيراده ، لكن لفظ الأمر في رواية مسلم قد يتمسك به من يدعي الوجوب ، وبه قال الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب من المالكية وخالف nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أصحابه فوافق الجمهور .
قوله : ( رب هذه الدعوة ) بفتح الدال ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق محمد بن عون عن nindex.php?page=showalam&ids=16633علي بن عياش " nindex.php?page=hadith&LINKID=843620اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة التامة " والمراد بها دعوة التوحيد كقوله تعالى له دعوة الحق وقيل لدعوة [ ص: 113 ] التوحيد " تامة " لأن الشركة نقص . أو التامة التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل ، بل هي باقية إلى يوم النشور ، أو لأنها هي التي تستحق صفة التمام وما سواها فمعرض للفساد . وقال ابن التين : وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو " لا إله إلا الله " . وقال الطيبي : من أوله إلى قوله " محمدا رسول الله " هي الدعوة التامة ، والحيعلة هي الصلاة القائمة في قوله يقيمون الصلاة ، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء وبالقائمة الدائمة من قام على الشيء إذا داوم عليه ، وعلى هذا فقوله " والصلاة القائمة " بيان للدعوة التامة ، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ وهو أظهر .
قوله : ( الوسيلة ) هي ما يتقرب به إلى الكبير ، يقال توسلت أي تقربت ، وتطلق على المنزلة العلية ، ووقع ذلك في حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=843621فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله الحديث ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=13863للبزار عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ويمكن ردها إلى الأول بأن الواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله فتكون كالقربة التي يتوسل بها .
قوله : ( والفضيلة ) أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة .
قوله : ( مقاما محمودا ) أي يحمد القائم فيه ، وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ، ونصب على الظرفية ، أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا ، أو ضمن ابعثه معنى أقمه ، أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه ، ويجوز أن يكون حالا أي ابعثه ذا مقام محمود . قال النووي : ثبتت الرواية بالتنكير وكأنه حكاية للفظ القرآن ، وقال الطيبي : إنما نكره لأنه أفخم وأجزل ، كأنه قيل مقاما أي مقاما محمودا بكل لسان .
قلت : وقد جاء في هذه الرواية بعينها من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16633علي بن عياش شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه بالتعريف عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وهي في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان أيضا ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الدعاء nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، وفيه تعقب على من أنكر ذلك كالنووي .
قوله : ( الذي وعدته ) زاد في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إنك لا تخلف الميعاد وقال الطيبي : المراد بذلك قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وأطلق عليه الوعد لأن عسى من الله واقع كما صح عن ابن عيينة وغيره ، والموصول إما بدل أو عطف بيان أو خبر مبتدأ محذوف وليس صفة للنكرة ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وابن خزيمة وغيرهما " المقام المحمود " بالألف واللام فيصح وصفه بالموصول والله أعلم . قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة ، وقيل إجلاسه على العرش ، وقيل على الكرسي ، وحكى كلا من القولين عن جماعة ، وعلى تقدير الصحة لا ينافي الأول لاحتمال أن يكون الإجلاس علامة الإذن في الشفاعة ، ويحتمل أن يكون المراد بالمقام المحمود الشفاعة كما هو مشهور وأن يكون الإجلاس هي المنزلة المعبر عنها بالوسيلة أو الفضيلة . ووقع في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=843622يبعث الله الناس ، فيكسوني ربي حلة خضراء ، فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود ، ويظهر أن المراد بالقول المذكور هو الثناء الذي يقدمه بين يدي الشفاعة . ويظهر أن المقام المحمود هو مجموع ما يحصل له في [ ص: 114 ] تلك الحالة ، ويشعر قوله في آخر الحديث " حلت له شفاعتي " بأن الأمر المطلوب له الشفاعة ، والله أعلم .
قوله : ( حلت له ) أي استحقت ووجبت أو نزلت عليه ، يقال حل يحل بالضم إذا نزل ، واللام بمعنى على ، ويؤيده رواية مسلم " حلت عليه " . ووقع في nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي حديث ابن مسعود " وجبت له " ولا يجوز أن يكون حلت من الحل لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة .
قوله ( شفاعتي ) استشكل بعضهم جعل ذلك ثوابا لقائل ذلك مع ما ثبت من أن الشفاعة للمذنبين ، وأجيب بأن له - صلى الله عليه وسلم - شفاعات أخرى : كإدخال الجنة بغير حساب ، وكرفع الدرجات فيعطى كل أحد ما يناسبه . ونقل عياض عن بعض شيوخه أنه كان يرى اختصاص ذلك بمن قاله مخلصا مستحضرا إجلال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من قصد بذلك مجرد الثواب ونحو ذلك ، وهو تحكم غير مرضي ، ولو كان أخرج الغافل اللاهي لكان أشبه . وقال المهلب : في الحديث الحض على الدعاء في أوقات الصلوات لأنه حال رجاء الإجابة ، والله أعلم .