[ ص: 239 ] قوله : ( باب ليبلغ العلم ) بالنصب والشاهد بالرفع والغائب منصوب أيضا . والمراد بالشاهد هنا الحاضر ، أي ليبلغ من حضر من غاب ; لأنه المفعول الأول والعلم المفعول الثاني وإن قدم في الذكر .
قوله : ( قاله ابن عباس ) أي رواه ، وليس هو في شيء من طرق حديث ابن عباس بهذه الصورة ، وإنما هو في روايته ورواية غيره بحذف العلم ، وكأنه أراد بالمعنى لأن المأمور بتبليغه هو العلم .
قوله : ( عن أبي شريح ) هو الخزاعي الصحابي المشهور ، وعمرو بن سعيد هو ابن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية القرشي الأموي يعرف بالأشدق ، وليست له صحبة ولا كان من التابعين بإحسان .
قوله : ( وهو يبعث البعوث ) أي يرسل الجيوش إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير لكونه امتنع من مبايعة يزيد بن معاوية واعتصم بالحرم ، وكان عمرو والي يزيد على المدينة ، والقصة مشهورة ، وملخصها أن معاوية عهد بالخلافة بعده nindex.php?page=showalam&ids=17374ليزيد بن معاوية ، فبايعه الناس إلا الحسين بن علي وابن الزبير ، فأما ابن أبي بكر فمات قبل موت معاوية ، وأما ابن عمر فبايع ليزيد عقب موت أبيه ، وأما الحسين بن علي فسار إلى الكوفة لاستدعائهم إياه ليبايعوه فكان ذلك سبب قتله ، وأما ابن الزبير فاعتصم ويسمى عائذ البيت وغلب على أمر مكة ، فكان يزيد بن معاوية يأمر أمراءه على المدينة أن يجهزوا إليه الجيوش ، فكان آخر ذلك أن أهل المدينة اجتمعوا على خلع يزيد من الخلافة .
قوله : ( ائذن لي ) فيه حسن التلطف في الإنكار على أمراء الجور ليكون أدعى لقبولهم .
قوله : ( أحدثك ) بالجزم لأنه جواب الأمر .
قوله : ( قام ) صفة للقول ، والمقول هو حمد الله إلخ .
قوله : ( الغد ) بالنصب أي أنه خطب في اليوم الثاني من فتح مكة .
قوله : ( سمعته أذناي . . . إلخ ) أراد أنه بالغ في حفظه والتثبت فيه وأنه لم يأخذه بواسطة ، وأتى بالتثنية تأكيدا ، والضمير في قوله : " تكلم به " عائد على قوله قولا .
قوله : ( ولم يحرمها الناس ) بالضم أي : أن تحريمها كان بوحي من الله لا من اصطلاح الناس .
قوله : ( يسفك ) بكسر الفاء وحكي ضمها ، وهو صب الدم ، والمراد به القتل .
قوله : ( ولا يعضد ) بكسر الضاد المعجمة وفتح الدال أي : يقطع بالمعضد وهو آلة كالفأس .
قوله : ( وإنما أذن لي ) أي الله ، روي بضم الهمزة . وفي قوله " لي " التفات لأن نسق الكلام " وإنما أذن له " أي : لرسوله .
قوله : ( ساعة ) أي : مقدارا من الزمان ، والمراد به يوم الفتح . وفي مسند أحمد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن ذلك كان من طلوع الشمس إلى العصر ، والمأذون له فيه القتال لا قطع الشجر .
قوله : ( ولا فارا ) بالفاء والراء المشددة أي : هاربا عليه دم يعتصم بمكة كيلا يقتص منه .
قوله : ( بخربة ) بفتح المعجمة وإسكان الراء ثم موحدة يعني السرقة كذا ثبت تفسيرها في رواية المستملي ، قال ابن بطال : الخربة بالضم الفساد ، وبالفتح السرقة . وقد تشدق >[1]عمرو في الجواب وأتى بكلام ظاهره حق لكن أراد به الباطل ، فإن الصحابي أنكر عليه نصب الحرب على مكة فأجابه بأنها لا تمنع من إقامة القصاص ، وهو صحيح إلا أن ابن الزبير لم يرتكب أمرا يجب عليه فيه شيء من ذلك ، وسنذكر مباحث هذا الحديث في كتاب الحج ، وما للعلماء فيه من الاختلاف في القتال في الحرم إن شاء الله تعالى . وفي الحديث شرف مكة ، وتقديم الحمد والثناء على القول المقصود ، وإثبات خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستواء المسلمين معه في الحكم إلا ما ثبت تخصيصه به ، ووقوع النسخ ، وفضل أبي شريح لاتباعه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ عنه وغير ذلك .