أورد فيه حديث ابن عباس المذكور عن شيخ آخر ، وشاهد الترجمة قوله : " ولا تحنطوه " . ثم علل ذلك بأنه يبعث ملبيا ، فدل على أن سبب النهي أنه كان محرما ، فإذا انتفت العلة انتفى النهي ، وكأن الحنوط للميت كان مقررا عندهم . وكذا قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=885706لا تخمروا رأسه . ؛ أي لا تغطوه ، قال البيهقي : فيه دليل على أن غير المحرم يحنط كما يخمر رأسه ، وأن النهي إنما وقع لأجل الإحرام خلافا لمن قال من المالكية وغيرهم : إن الإحرام ينقطع بالموت فيصنع بالميت ما يصنع بالحي . قال ابن دقيق العيد : وهو مقتضى القياس ، لكن الحديث بعد أن ثبت يقدم على القياس . وقد قال بعض المالكية : إثبات الحنوط في هذا الخبر بطريق المفهوم من منع الحنوط للمحرم ، ولكنها واقعة حال يتطرق الاحتمال إلى منطوقها ، فلا يستدل بمفهومها . وقال بعض الحنفية : هذا الحديث ليس عاما بلفظه ، لأنه في شخص معين . ولا بمعناه ، لأنه لم يقل : يبعث ملبيا لأنه محرم ، فلا يتعدى حكمه إلى غيره إلا بدليل منفصل . وقال ابن بزيزة : وأجاب بعض أصحابنا عن هذا الحديث بأن هذا مخصوص بذلك الرجل ، لأن إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه يبعث ملبيا شهادة بأن حجه قبل ، وذلك غير محقق لغيره ، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن هذه العلة إنما ثبتت لأجل الإحرام ، فتعم كل محرم ، وأما القبول وعدمه فأمر مغيب . واعتل بعضهم بقوله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وبقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=885707إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث . وليس هذا منها [ ص: 164 ] فينبغي أن ينقطع عمله بالموت ، وأجيب بأن تكفينه في ثوبي إحرامه ، وتبقيته على هيئة إحرامه من عمل الحي بعده ، كغسله والصلاة عليه ، فلا معنى لما ذكروه . وقال ابن المنير في الحاشية : وقد قال صلى الله عليه وسلم في الشهداء : nindex.php?page=hadith&LINKID=885708زملوهم بدمائهم مع قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=883743والله أعلم بمن يكلم في سبيله . فعمم الحكم في الظاهر بناء على ظاهر السبب ، فينبغي أن يعمم الحكم في كل محرم ، وبين المجاهد والمحرم جامع ، لأن كلا منهما في سبيل الله . وقد اعتذر الداودي ، عن مالك ، فقال : لم يبلغه هذا الحديث . وأورد بعضهم أنه لو كان إحرامه باقيا لوجب أن يكمل به المناسك ، ولا قائل به . وأجيب بأن ذلك ورد على خلاف الأصل ، فيقتصر به على مورد النص ، ولا سيما وقد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهيد .