قوله : ( باب قول الله تعالى : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) قيل : إن المصنف أراد أن الراحلة ليست شرطا للوجوب ، وقال ابن القصار : في الآية دليل قاطع لمالك أن الراحلة ليست من شرط السبيل ، فإن المخالف يزعم أن الحج لا يجب على الراجل وهو خلاف الآية . انتهى وفيه نظر ، [ ص: 444 ] ، وقد روى الطبري من طريق عمر بن ذر ، قال : قال مجاهد : كانوا لا يركبون ، فأنزل الله : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ، فأمرهم بالزاد ، ورخص لهم في الركوب والمتجر . وروى ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب ، عن ابن عباس : ما فاتني شيء أشد علي أن لا أكون حججت ماشيا ، لأن الله يقول : يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فبدأ بالرجال قبل الركبان .
قوله : ( فجاجا : الطرق الواسعة ) قال يحيى الفراء في " المعاني " في سورة نوح : قوله : فجاجا ، واحدها فج ، وهي الطرق الواسعة . واعترضه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي فقال : يقال : الفج الطريق بين الجبلين ، فإذا لم يكن كذلك لم يسم الطريق فجا ، كذا قال ، وهو قول بعض أهل اللغة ، وجزم أبو عبيد ثم الأزهري بأن الفج الطريق الواسع ، وقد نقل صاحب " المحكم " أن الفج الطريق الواسع في جبل أو في قبل جبل ، وهو أوسع من الشعب . وروى ابن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فجاجا ) يقول : طرقا مختلفة . ومن طريق شعبة ، عن قتادة قال : طرقا وأعلاما . وقال أبو عبيدة في " المجاز " : فج عميق أي بعيد القعر ، وهذا تفسير العميق ، يقال : بئر عميقة القعر أي بعيدة القعر . ثم ذكر المصنف حديث ابن عمر في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته ، وحديث جابر نحوه ، وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب ، وغرضه منه الرد على من زعم أن الحج ماشيا أفضل لتقديمه في الذكر على الراكب ، فبين أنه لو كان أفضل لفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل أنه لم يحرم حتى استوت به راحلته ، ذكر ذلك ابن المنير في الحاشية . وقال غيره : مناسبة الحديث للآية أن ذا الحليفة فج عميق والركوب مناسب لقوله : " وعلى كل ضامر " . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : ليس في الحديثين شيء مما ترجم الباب به ، ورد بأن فيهما الإشارة إلى أن الركوب أفضل فيؤخذ منه جواز المشي .