قوله : ( من أفجر الفجور ) هذا من تحكماتهم الباطلة المأخوذة عن غير أصل .
قوله : ( ويجعلون المحرم صفر ) كذا هو في جميع الأصول من الصحيحين ، قال النووي : كان ينبغي أن يكتب بالألف ، ولكن على تقدير حذفها لا بد من قراءته منصوبا ، لأنه مصروف بلا خلاف ، يعني والمشهور عن اللغة الربيعية كتابة المنصوب بغير ألف ، فلا يلزم من كتابته بغير ألف أن لا يصرف ، فيقرأ بالألف . وسبقه عياض إلى نفي الخلاف فيه ، لكن في " المحكم " كان أبو عبيدة لا يصرفه ، فقيل له : إنه لا يمتنع الصرف حتى يجتمع علتان فما هما ؟ قال : المعرفة والساعة . وفسره المطرزي بأن مراده بالساعة أن الأزمنة ساعات والساعة مؤنثة . انتهى . وحديث ابن عباس هذا حجة قوية لأبي عبيدة ، ونقل بعضهم أن في صحيح مسلم " صفرا " بالألف . وأما جعلهم ذلك ، فقال النووي : قال العلماء : المراد الإخبار عن النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية ، فكانوا يسمون المحرم صفرا ، ويحلونه ، ويؤخرون تحريم المحرم إلى نفس صفر لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة ، فيضيق عليهم فيها ما اعتادوه من المقاتلة والغارة بعضهم على بعض ، فضللهم الله في ذلك ، فقال : إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا الآية .
قوله : ( ويقولون : إذا برأ الدبر ) بفتح المهملة والموحدة ، أي ما كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها ومشقة السفر ، فإنه كان يبرؤ بعد انصرافهم من الحج ، و قوله : ( وعفا الأثر ) أي اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها ، ويحتمل أثر الدبر المذكور . وفي سنن أبي داود : " وعفا الوبر " أي كثر وبر الإبل الذي حلق بالرحال ، وهذه الألفاظ تقرأ ساكنة الراء لإرادة السجع ، ووجه تعلق جواز الاعتمار بانسلاخ صفر - مع كونه ليس من أشهر الحج ، وكذلك المحرم - أنهم لما جعلوا المحرم صفرا ولا يستقرون ببلادهم في الغالب ويبرؤ دبر إبلهم إلا عند انسلاخه ألحقوه بأشهر الحج على طريق التبعية ، وجعلوا أول أشهر الاعتمار شهر المحرم الذي هو في الأصل صفر ، والعمرة عندهم في غير أشهر الحج ، وأما تسمية الشهر صفرا ، فقال رؤبة : أصلها أنهم كانوا يغيرون فيه بعضهم على بعض ، فيتركون منازلهم صفرا أي خالية من المتاع ، وقيل : لإصفار أماكنهم من أهلها .
قوله : ( قدم النبي صلى الله عليه وسلم ) كذا في الأصول من رواية موسى بن إسماعيل ، عن وهيب ، وقد أخرجه المصنف في " أيام الجاهلية " عن مسلم بن إبراهيم ، عن وهيب بلفظ : " فقدم " بزيادة فاء ، وهو الوجه ، وكذا أخرجه مسلم من طريق بهز بن أسد ، nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من طريق إبراهيم بن الحجاج ، كلاهما عن وهيب .
قوله : ( صبيحة رابعة ) أي يوم الأحد .
قوله : ( مهلين بالحج ) في رواية إبراهيم بن الحجاج : " وهم يلبون بالحج " وهي مفسرة لقوله : مهلين ، [ ص: 499 ] واحتج به من قال : كان حج النبي صلى الله عليه وسلم مفردا ، وأجاب من قال : كان قارنا بأنه لا يلزم من إهلاله بالحج أن لا يكون أدخل عليه العمرة .
قوله : ( أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ) أي لما كانوا يعتقدونه أولا ، وفي رواية إبراهيم بن الحجاج : " فكبر ذلك عندهم " .
قوله : ( أي الحل ) كأنهم كانوا يعرفون أن للحج تحللين ، فأرادوا بيان ذلك ، فبين لهم أنهم يتحللون الحل كله ، لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : " أي الحل نحل ؟ قال : الحل كله " .