قوله : ( باب ما ذكر في الحجر الأسود ) أورد فيه حديث عمر في تقبيل الحجر ، وقوله : " لا تضر ولا تنفع " وكأنه لم يثبت عنده فيه على شرطه شيء غير ذلك ، وقد وردت فيه أحاديث : منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886364إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ، ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب . أخرجه أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وفي إسناده رجاء أبو يحيى ، وهو ضعيف ، قال الترمذي : حديث غريب ، ويروى عن عبد الله بن عمرو موقوفا ، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه وقفه أشبه ، والذي رفعه ليس بقوي . ومنها حديث ابن عباس مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886365نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن ، فسودته خطايا بني آدم . أخرجه الترمذي وصححه ، وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط ، وجرير ممن سمع منه بعد اختلاطه ، لكن له طريق أخرى في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة فيقوى بها ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق حماد بن سلمة ، عن عطاء مختصرا ، ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=886366الحجر الأسود من الجنة وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط ، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة أيضا ، عن ابن عباس مرفوعا ، أن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق ، وصححه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وله شاهد من حديث أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أيضا .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ) هو ابن يزيد النخعي ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، وهو الثوري بإسناد آخر عن إبراهيم ، وهو ابن عبد الأعلى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة ، عن عمر ، أخرجه مسلم .
قوله : ( إني أعلم أنك حجر ) في رواية أسلم الآتية بعد باب عن عمر ، أنه قال : " أما والله ، إني لأعلم أنك " .
قوله : ( لا تضر ولا تنفع ) أي إلا بإذن الله ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث أبي سعيد أن عمر لما قال هذا قال له nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : إنه يضر وينفع ، وذكر أن الله لما أخذ المواثيق على ولد آدم كتب ذلك في رق ، وألقمه الحجر ، قال : وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=886367يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد ، وفي إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف جدا ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من وجه آخر ما يشعر بأن عمر رفع قوله ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه من طريق طاوس ، عن ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886368رأيت عمر قبل الحجر ثلاثا ، ثم قال : إنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك . ثم قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل [ ص: 541 ] مثل ذلك " . قال الطبري : إنما قال ذلك عمر لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام ، فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم بعض الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية ، فأراد عمر أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا لأن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان ، وقال المهلب : حديث عمر هذا يرد على من قال : إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده ، ومعاذ الله أن يكون لله جارحة ، وإنما شرع تقبيله اختيارا ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع ، وذلك شبيه بقصة إبليس حيث أمر بالسجود لآدم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معنى أنه يمين الله في الأرض أن من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد ، وجرت العادة بأن العهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به ، فخاطبهم بما يعهدونه . وقال المحب الطبري : معناه أن كل ملك إذا قدم عليه الوافد قبل يمينه ، فلما كان الحاج أول ما يقدم يسن له تقبيله نزل منزلة يمين الملك ، ولله المثل الأعلى .
وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين ، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها ، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه ، وفيه دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصة ترجع إلى ذاته ، وفيه بيان السنن بالقول والفعل ، وأن الإمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك ، وسيأتي بقية الكلام على التقبيل والاستلام بعد تسعة أبواب . قال شيخنا في " شرح الترمذي " : فيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله ، وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ومهما قبل من البيت فحسن ، فلم يرد به الاستحباب ، لأن المباح من جملة الحسن عند الأصوليين .
( تكميل ) : اعترض بعض الملحدين على الحديث الماضي ، فقال : كيف سودته خطايا المشركين ، ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد ؟ وأجيب بما قال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : لو شاء الله لكان ذلك ، وإنما أجرى الله العادة بأن السواد يصبغ ، ولا ينصبغ على العكس من البياض . وقال المحب الطبري : في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة ، فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد . قال : وروي عن ابن عباس : إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إلى زينة الجنة ، فإن ثبت ، فهذا هو الجواب . قلت : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في فضائل مكة بإسناد ضعيف ، والله أعلم .