قوله : ( باب عمرة التنعيم يعني هل تتعين لمن كان بمكة أم لا ) يعني هل تتعين لمن كان بمكة أم لا ؟ وإذا لم تتعين هل لها فضل على الاعتمار من غيرها من جهات الحل أو لا ؟ قال صاحب " الهدي " لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مدة إقامته بمكة قبل الهجرة ، ولا اعتمر بعد الهجرة إلا داخلا إلى مكة ، ولم يعتمر قط خارجا من مكة إلى الحل ثم يدخل مكة بعمرة كما يفعل الناس اليوم ، ولا ثبت عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك في حياته إلا عائشة وحدها . انتهى . وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته . واختلف السلف في جواز الاعتمار في السنة أكثر من مرة ، فكرهه مالك ، وخالفه مطرف وطائفة من أتباعه وهو قول الجمهور ، [ ص: 710 ] واستثنى أبو حنيفة يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ، ووافقه أبو يوسف إلا في يوم عرفة ، واستثنى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي البائت بمنى لرمي أيام التشريق ، وفيه وجه اختاره بعض الشافعية فقال بالجواز مطلقا كقول الجمهور والله أعلم . واختلفوا أيضا هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة ؟ فروى الفاكهي وغيره من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال " بلغنا nindex.php?page=hadith&LINKID=886614أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل مكة التنعيم " ومن طريق عطاء قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886615من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها فليخرج إلى التنعيم أو إلى الجعرانة فليحرم منها ، وأفضل ذلك أن يأتي وقتا أي ميقاتا من مواقيت الحج . قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم ، ولا ينبغي مجاوزته كما لا ينبغي مجاوزة المواقيت التي للحج . وخالفهم آخرون فقالوا : ميقات العمرة الحل وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بالإحرام من التنعيم لأنه كان أقرب الحل من مكة . ثم روي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن عائشة في حديثها قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=886616وكان أدنانا من الحرم التنعيم فاعتمرت منه . قال فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل ، وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو ) هو ابن دينار .
قوله : ( سمع عمرو بن أوس ) يعني أنه سمع ، ولفظ " أنه " مما يحذف من الإسناد خطأ في الغالب كما تحذف إحدى لفظتي " قال " . وقد بين سفيان سماعه له من nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار في آخره . ووقع عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، عن سفيان " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار " قال سفيان : هذا مما يعجب شعبة ، يعني التصريح بالإخبار في جميع الإسناد .
قوله : ( ويعمرها من التنعيم ) معطوف على قوله " أمره أن يردف " وهذا يدل على أن إعمارها من التنعيم كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم . وأصرح منه ما أخرجه أبو داود من طريق حفصة بنت عبد الرحمن بن أبى بكر عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886617يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة فأعمرها من التنعيم . الحديث ، ونحوه رواية مالك السابقة في أوائل الحج عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=886618أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن إلى التنعيم . ورواية الأسود ، عن عائشة السابقة في أواخر الحج " قال فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم " وسيأتي بعد باب من وجه آخر عن الأسود ، والقاسم جميعا عنها بلفظ " فاخرجي إلى التنعيم " ، وهو صريح بأن ذلك كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل ذلك يفسر قوله في رواية القاسم عنها السابقة في أوائل الحج حيث أورده بلفظ " اخرج بأختك من الحرم " . وأما ما رواه أحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عنها في هذا الحديث قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886619ثم أرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : احملها خلفك حتى تخرج من الحرم ، فوالله ما قال فتخرجها إلى الجعرانة ولا إلى التنعيم . فهي رواية ضعيفة لضعف nindex.php?page=showalam&ids=12065أبي عامر الخراز الراوي له عن nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، ويحتمل أن يكون قوله " فوالله إلخ " من كلام من دون عائشة قاله متمسكا بإطلاق قوله " فأخرجها من الحرم " لكن الروايات المقيدة بالتنعيم مقدمة على المطلقة فهو أولى ولا سيما مع صحة ، أسانيدها والله أعلم .
( فائدة ) : زاد أبو داود في روايته بعد قوله " إلى التنعيم " : " فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم فإنها عمرة متقبلة " وزاد أحمد في رواية له " وذلك ليلة الصدر " وهو بفتح المهملة والدال أي الرجوع [ ص: 711 ] من منى ، وفي قوله " فإذا هبطت بها " إشارة إلى المكان الذي أحرمت منه عائشة . والتنعيم بفتح المثناة وسكون النون وكسر المهملة مكان معروف خارج مكة ، وهو على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة كما نقله الفاكهي ، وقال المحب الطبري : التنعيم أبعد من أدنى الحل إلى مكة بقليل ، وليس بطرف الحل بل بينهما نحو من ميل ، ومن أطلق عليه أدنى الحل فقد تجوز . قلت : أو أراد بالنسبة إلى بقية الجهات . وروى الفاكهي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال : إنما سمي التنعيم لأن الجبل الذي عن يمين الداخل يقال له ناعم ، والذي عن اليسار يقال له منعم ، والوادي نعمان . وروى الأزرقي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : رأيت عطاء يصف الموضع الذي اعتمرت منه عائشة قال فأشار إلى الموضع الذي ابتنى فيه محمد بن علي بن شافع المسجد الذي وراء الأكمة ، وهو المسجد الخرب . ونقل الفاكهي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وغيره أن ثم مسجدين يزعم أهل مكة أن الخرب الأدنى من الحرم هو الذي اعتمرت منه عائشة ، وقيل هو المسجد الأبعد على الأكمة الحمراء ، ورجحه المحب الطبري . وقال الفاكهي : لا أعلم إلا أني سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر يذكر عن أشياخه أن الأول هو الصحيح عندهم .