1772 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد قال سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11839أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه يقول nindex.php?page=hadith&LINKID=651738قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد
قوله : ( باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس ) أي : الشرار منهم ، وراعى في الترجمة لفظ الحديث ، وقرينة إرادة الشرار من الناس ظاهرة من التشبيه الواقع في الحديث ، والمراد بالنفي الإخراج ، ولو كانت الرواية " تنقي " بالقاف لحمل لفظ الناس على عمومه . وقد ترجم المصنف بعد أبواب " المدينة تنفي الخبث "
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=17316يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري وشيخه أبو الحباب بضم المهملة وبالموحدتين الأولى خفيفة ، والإسناد كله مدنيون إلا شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : اتفق الرواة عن مالك على إسناده إلا إسحق بن عيسى الطباع فقال : " عن مالك ، عن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب " بدل nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار ، وهو خطأ . قلت : وتابعه أحمد بن عمر عن خالد السلمي عن مالك ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " غرائب مالك " وقال : هذا وهم ، والصواب : عن يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار .
قوله : ( أمرت بقرية ) أي : أمرني ربي بالهجرة إليها أو سكناها ، فالأول محمول على أنه قاله بمكة ، والثاني على أنه قاله بالمدينة .
قوله : ( تأكل القرى ) أي : تغلبهم . وكنى بالأكل عن الغلبة ؛ لأن الآكل غالب على المأكول . ووقع في " موطأ ابن وهب " قلت لمالك : ما تأكل القرى؟ قال : تفتح القرى . وبسطه ابن بطال فقال : معناه : يفتح أهلها القرى فيأكلون أموالهم ويسبون ذراريهم . قال : وهذا من فصيح الكلام . تقول العرب : أكلنا بلد كذا ، إذا ظهروا عليها . وسبقه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي إلى معنى ذلك أيضا . وقال النووي : ذكروا في معناه وجهين ، أحدهما هذا ، والآخر أن أكلها وميرتها من القرى المفتتحة ، وإليها تساق غنائمها . وقال ابن المنير في " الحاشية " : يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها ، ومعناه أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكاد تكون عدما . قلت : والذي ذكره احتمالا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب فقال : [ ص: 105 ] لا معنى لقوله : " تأكل القرى " إلا رجوح فضلها عليها وزيادتها على غيرها ، كذا قال . ودعوى الحصر مردودة لما مضى ، ثم قال ابن المنير : وقد سميت مكة أم القرى ، قال : والمذكور للمدينة أبلغ منه ؛ لأن الأمومة لا تنمحي إذا وجدت ما هي له أم ، لكن يكون حق الأم أظهر وفضلها أكثر .
قال : وسبب هذه الكراهة لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة ، أو من الثرب وهو الفساد ، وكلاهما مستقبح ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج في مختصره وأبو عبيد البكري في " معجم ما استعجم " أنها سميت يثرب باسم يثرب بن قانية بن مهلايل بن عيل بن عيص بن إرم بن سام بن نوح ؛ لأنه أول من سكنها بعد العرب ، ونزل أخوه خيبور خيبر فسميت به ، وسقط بعض الأسماء من كلام البكري .
قوله : ( تنفي الناس ) قال عياض : وكأن هذا مختص بزمنه ؛ لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها إلا من ثبت إيمانه . وقال النووي : ليس هذا بظاهر ؛ لأن عند مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=886822لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد وهذا - والله أعلم - زمن الدجال . انتهى . ويحتمل أن يكون المراد كلا من الزمنين ، وكان الأمر في حياته - صلى الله عليه وسلم - كذلك للسبب المذكور ، ويؤيده قصة الأعرابي الآتية بعد أبواب ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا الحديث معللا به خروج الأعرابي وسؤاله الإقالة عن البيعة ، ثم يكون ذلك أيضا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه كما سيأتي بعد أبواب أيضا ، وأما ما بين ذلك فلا .
قوله : ( كما ينفي الكير ) بكسر الكاف وسكون التحتانية ، وفيه لغة أخرى " كور " بضم الكاف ، والمشهور بين الناس أنه الزق الذي ينفخ فيه ، لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير حانوت الحداد والصائغ . قال ابن التين : وقيل : الكير هو الزق والحانوت هو الكور . وقال صاحب " المحكم " : الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد . ويؤيد الأول ما رواه عمر بن شبة في " أخبار المدينة " بإسناد له إلى أبي مودود قال : رأى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كير حداد في السوق فضربه برجله حتى هدمه . والخبث - بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة - أي : وسخه الذي تخرجه النار ، والمراد أنها لا تترك فيها من في قلبه دغل ، بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه كما يميز الحداد رديء الحديد من جيده . ونسبة التمييز للكير لكونه السبب الأكبر في اشتعال النار التي يقع التمييز بها .
واستدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد . قال المهلب : لأن المدينة هي التي أدخلت مكة وغيرها من القرى في الإسلام ، فصار الجميع في صحائف أهلها ، ولأنها تنفي الخبث ، وأجيب عن الأول بأن أهل المدينة الذين فتحوا مكة معظمهم من أهل مكة فالفضل ثابت للفريقين ، ولا يلزم من ذلك تفضيل إحدى البقعتين ، وعن الثاني بأن ذلك إنما هو في خاص من الناس ، ومن الزمان بدليل [ ص: 106 ] قوله تعالى : ومن أهل المدينة مردوا على النفاق والمنافق خبيث بلا شك ، وقد خرج من المدينة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ وأبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وطائفة ثم علي وطلحة والزبير وعمار وآخرون ، وهم من أطيب الخلق ، فدل على أن المراد بالحديث تخصيص ناس دون ناس ، ووقت دون وقت . قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : لو فتحت بلد من بلد فثبت بذلك الفضل للأولى للزم أن تكون البصرة أفضل من خراسان وسجستان وغيرهما مما فتح من جهة البصرة وليس كذلك ، وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الاعتصام .