33 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14430سليمان أبو الربيع قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17195نافع بن مالك بن أبي عامر أبو سهيل عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=650032عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان
قوله : ( باب علامات المنافق ) لما قدم أن مراتب الكفر متفاوتة وكذلك الظلم أتبعه بأن النفاق كذلك ، وقال الشيخ محيي الدين : مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذه الترجمة أن المعاصي تنقص الإيمان ، كما أن الطاعة تزيده . وقال الكرماني : مناسبة هذا الباب لكتاب الإيمان أن النفاق علامة عدم الإيمان ، أو ليعلم منه أن بعض النفاق كفر دون بعض ، والنفاق لغة : مخالفة الباطن للظاهر ، فإن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر ، وإلا فهو نفاق العمل ، ويدخل فيه الفعل والترك وتتفاوت مراتبه .
[ ص: 112 ] قوله : ( حدثنا سليمان أبو الربيع ) هو الزهراني ، بصري نزل بغداد ، ومن شيخه فصاعدا مدنيون ، nindex.php?page=showalam&ids=17195ونافع بن مالك هو عم مالك بن أنس الإمام .
قوله : ( آية المنافق ثلاث ) الآية : العلامة ، وإفراد الآية إما على إرادة الجنس ، أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث ، والأول أليق بصنيع المؤلف ، ولهذا ترجم بالجمع وعقب بالمتن الشاهد لذلك . وقد رواه أبو عوانة في صحيحه بلفظ " علامات المنافق " ، فإن قيل ظاهره الحصر في الثلاث فكيف جاء في الحديث الآخر بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=883446 " أربع من كن فيه . . . الحديث " . أجاب القرطبي باحتمال أنه استجد له - صلى الله عليه وسلم - من العلم بخصالهم ما لم يكن عنده . وأقول : ليس بين الحديثين تعارض ; لأنه لا يلزم من عد الخصلة المذمومة الدالة على كمال النفاق كونها علامة على النفاق ; لاحتمال أن تكون العلامات دالات على أصل النفاق ، والخصلة الزائدة إذا أضيفت إلى ذلك كمل بها خلوص النفاق . على أن في رواية مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ما يدل على إرادة عدم الحصر ، فإن لفظه " من علامة المنافق ثلاث " وكذا أخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، وإذا حمل اللفظ الأول على هذا لم يرد السؤال ، فيكون قد أخبر ببعض العلامات في وقت ، وببعضها في وقت آخر . وقال القرطبي أيضا والنووي : حصل من مجموع الروايتين خمس خصال ; لأنهما تواردتا على الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة ، وزاد الأول الخلف في الوعد والثاني الغدر في المعاهدة والفجور في الخصومة . قلت : وفي رواية مسلم الثاني بدل الغدر في المعاهدة الخلف في الوعد كما في الأول ، فكأن بعض الرواة تصرف في لفظه لأن معناهما قد يتحد ، وعلى هذا فالمزيد خصلة واحدة وهي الفجور في الخصومة ، والفجور الميل عن الحق والاحتيال في رده . وهذا قد يندرج في الخصلة الأولى وهي الكذب في الحديث . ووجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها منبهة على ما عداها ، إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث : القول ، والفعل ، والنية . فنبه على فساد القول بالكذب ، وعلى فساد الفعل بالخيانة ، وعلى فساد النية بالخلف ; لأن خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد ، أما لو كان عازما ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في الإحياء . وفي nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في حديث طويل ما يشهد له ، ففيه من حديث سلمان " إذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يخلف " وكذا قال في باقي الخصال ، وإسناده لا بأس به ليس فيهم من أجمع على تركه ، وهو عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم مختصر بلفظ " إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف فلا إثم عليه " .
قوله : ( إذا وعد ) قال صاحب المحكم : يقال وعدته خيرا ، ووعدته شرا . فإذا أسقطوا الفعل قالوا في الخير : وعدته ، وفي الشر : أوعدته . وحكى ابن الأعرابي في نوادره : أوعدته خيرا بالهمزة . فالمراد بالوعد في الحديث الوعد بالخير ، وأما الشر فيستحب إخلافه . وقد يجب ما لم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة .
وأما الكذب في الحديث فحكى ابن التين عن مالك أنه سئل عمن جرب عليه كذب فقال : أي نوع من الكذب ؟ لعله حدث عن عيش له سلف فبالغ في وصفه ، فهذا لا يضر ، وإنما يضر من حدث عن الأشياء بخلاف ما هي عليه قاصدا الكذب انتهى . وقال النووي : هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره . قال : وليس فيه إشكال ، بل معناه صحيح والذي قاله المحققون : إن معناه أن هذه خصال نفاق ، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم . قلت : [ ص: 113 ] ومحصل هذا الجواب الحمل في التسمية على المجاز ، أي : صاحب هذه الخصال كالمنافق ، وهو بناء على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر . وقد قيل في الجواب عنه : إن المراد بالنفاق نفاق العمل كما قدمناه . وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر لحذيفة : هل تعلم في شيئا من النفاق ؟ فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر ، وإنما أراد نفاق العمل . ويؤيده وصفه بالخالص في الحديث الثاني بقوله كان منافقا خالصا " . وقيل : المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال وأن الظاهر غير مراد ، وهذا ارتضاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي . وذكر أيضا أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك وصار له ديدنا . قال : ويدل عليه التعبير بإذا ، فإنها تدل على تكرر الفعل . كذا قال . والأولى ما قال الكرماني : إن حذف المفعول من " حدث " يدل على العموم ، أي : إذا حدث في كل شيء كذب فيه . أو يصير قاصرا ، أي : إذا وجد ماهية التحديث كذب . وقيل هو محمول على من غلبت عليه هذه الخصال وتهاون بها واستخف بأمرها ، فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبا . وهذه الأجوبة كلها مبنية على أن اللام في المنافق للجنس ، ومنهم من ادعى أنها للعهد فقال : إنه ورد في حق شخص معين أو في حق المنافقين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وتمسك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذلك لو ثبت شيء منها لتعين المصير إليه . وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي . والله أعلم .