قوله : ( باب غزوة أوطاس ) قال عياض : هو واد في دار هوازن ، وهو موضع حرب حنين انتهى . وهذا الذي قاله ذهب إليه بعض أهل السير ، والراجح أن وادي أوطاس غير وادي حنين ، ويوضح ذلك ما ذكر ابن [ ص: 638 ] إسحاق أن الوقعة كانت في وادي حنين ، وأن هوازن لما انهزموا صارت طائفة منها إلى الطائف وطائفة إلى بجيلة وطائفة إلى أوطاس ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عسكرا مقدمهم أبو عامر الأشعري إلى من مضى إلى أوطاس كما يدل عليه حديث الباب ، ثم توجه هو وعساكره إلى الطائف . وقال أبو عبيدة البكري : أوطاس واد في ديار هوازن ، وهناك عسكروا هم وثقيف ثم التقوا بحنين .
قوله : ( بعث أبا عامر ) هو عبيد بن سليم بن حضار الأشعري ، وهو عم أبي موسى . وقال ابن إسحاق : هو ابن عمه . والأول أشهر .
قوله : ( فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد ) أما الصمة فهو بكسر المهملة وتشديد الميم أي ابن بكر بن علقمة - ويقال : ابن الحارث بن بكر بن علقمة - الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة من بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن ، فالصمة لقب لأبيه واسمه الحارث ، وقوله فقتل رويناه على البناء للمجهول ، واختلف في قاتله فجزم محمد بن إسحاق بأنه ربيعة بن رفيع بفاء مصغر ابن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة السلمي وكان يقال له : ابن الذعنة بمعجمة ثم مهملة ، ويقال بمهملة ثم معجمة ، وهي أمه ، وقال ابن هشام : يقال : اسمه عبد الله بن قبيع بن أهبان ، وساق بقية نسبه . ويقال له أيضا : ابن الدغنة وليس هو ابن الدغنة المذكور في قصة أبي بكر في الهجرة ، وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ولفظه " لما انهزم المشركون انحاز دريد بن الصمة في ستمائة نفس على أكمة فرأوا كتيبة ، فقال : خلوهم لي ، فخلوهم ، فقال : هذه قضاعة ولا بأس عليكم ، ثم رأوا كتيبة مثل ذلك ، فقال : هذه سليم ، ثم رأوا فارسا وحده فقال : خلوه لي ، فقالوا معتجر بعمامة سوداء ، فقال : هذا nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ، وهو قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا ، قال : فالتفت الزبير فرآهم فقال : علام هؤلاء ههنا ؟ فمضى إليهم ، وتبعه جماعة فقتلوا منهم ثلاثمائة ، فحز رأس دريد بن الصمة فجعله بين يديه . ويحتمل أن يكون ابن الدغنة كان في جماعة الزبير فباشر قتله فنسب إلى الزبير مجازا ، وكان دريد من الشعراء الفرسان المشهورين في الجاهلية ، ويقال إنه كان لما قتل ابن عشرين - ويقال ابن ستين - ومائة سنة .
قوله : ( قال أبو موسى : وبعثني ) أي النبي صلى الله عليه وسلم .
( مع أبي عامر ) أي إلى من التجأ إلى أوطاس ، وقال ابن إسحاق : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا عامر الأشعري في آثار من توجه إلى أوطاس ، فأدرك بعض من انهزم فناوشوه القتال .
قوله : ( فرمي أبو عامر في ركبته ، رماه جشمي ) بضم الجيم وفتح المعجمة أي رجل من بني جشم ، واختلف في اسم هذا الجشمي فقال ابن إسحاق : زعموا أن سلمة بن دريد بن الصمة هو الذي رمى أبا عامر بسهم فأصاب ركبته فقتله ، وأخذ الراية nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري فقاتلهم ففتح الله عليه ، وقال ابن هشام : حدثني من أثق به أن الذي رمى أبا عامر أخوان من بني جشم وهما أوفى والعلاء ابنا الحارث ، وفي نسخة وافى بدل أوفى ، فأصاب أحدهما ركبته ، وقتلهما nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري . وعند ابن عائذ nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في " الأوسط " من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري بإسناد حسن " لما هزم الله المشركين يوم حنين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خيل [ ص: 639 ] الطلب أبا عامر الأشعري وأنا معه فقتل ابن دريد أبا عامر ، فعدلت إليه فقتلته وأخذت اللواء " الحديث . فهذا يؤيد ما ذكره ابن إسحاق . وذكر ابن إسحاق في المغازي أيضا أن أبا عامر لقي يوم أوطاس عشرة من المشركين إخوة فقتلهم واحدا بعد واحد ، حتى كان العاشر فحمل عليه وهو يدعوه إلى الإسلام وهو يقول : اللهم اشهد عليه ، فقال الرجل : اللهم لا تشهد علي ، فكف عنه أبو عامر ظنا منه أنه أسلم فقتله العاشر ، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسميه شهيد أبي عامر ، وهذا يخالف الحديث الصحيح في أن أبا موسى قتل قاتل أبي عامر ، وما في الصحيح أولى بالقبول ، ولعل الذي ذكره ابن إسحاق شارك في قتله .
قوله : ( فنزا منه الماء ) أي انصب من موضع السهم .
قوله : ( قال : يا ابن أخي ) هذا يرد قول ابن إسحاق إنه ابن عمه ، ويحتمل - إن كان ضبطه - أن يكون قال له ذلك لكونه كان أسن منه .
قوله : ( فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ) في رواية ابن عائذ " فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معي اللواء قال : يا أبا موسى قتل أبو عامر " .
قوله : ( على سرير مرمل ) براء مهملة ثم ميم ثقيلة ، أي معمول بالرمال ، وهي حبال الحصر التي تضفر بها الأسرة .
قوله : ( وعليه فراش ) قال ابن التين : أنكره الشيخ أبو الحسن وقال : الصواب : ما عليه فراش ، فسقطت " ما " انتهى . وهو إنكار عجيب ، فلا يلزم من كونه رقد على غير فراش كما في قصة عمر أن لا يكون على سريره دائما فراش .