[ ص: 59 ] اختلف العلماء في أصل الصلاة فقيل : هي الدعاء لاشتمالها عليه ، وهذا قول جماهير أهل العربية والفقهاء وغيرهم ، وقيل : لأنها ثانية لشهادة التوحيد كالمصلي من السابق في خيل الحلبة ، وقيل : هي من ( الصلوين ) وهما عرقان مع الردف . وقيل : هما عظمان ينحنيان في الركوع والسجود قالوا : ولهذا كتبت ( الصلاة ) بالواو في المصحف ، وقيل : هي من الرحمة ، وقيل : أصلها الإقبال على الشيء ، وقيل غير ذلك . والله تعالى أعلم .
قوله : ( كان المسلمون يجتمعون فيتحينون الصلاة ) قال القاضي عياض - رحمه الله تعالى - : معنى يتحينون يقدرون حينها ليأتوا إليها فيه ( والحين ) الوقت من الزمان .
[ ص: 60 ] قوله : ( فقال بعضهم : اتخذوا ناقوسا ) قال أهل اللغة : هو الذي يضرب به النصارى لأوقات صلواتهم ، وجمعه نواقيس ، والنقس ضرب الناقوس .
قال الترمذي : ولا يصح nindex.php?page=showalam&ids=113لعبد الله بن زيد بن عبد ربه هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء غير حديث الأذان ، وهو غير nindex.php?page=showalam&ids=4804عبد الله بن زيد بن عاصم المازني ، ذاك له أحاديث كثيرة في الصحيحين ، وهو عم عباد بن تميم . والله أعلم .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا بلال قم فناد بالصلاة ) فقال القاضي عياض - رحمه الله - : فيه حجة لشرع الأذان من قيام ، وأنه لا يجوز الأذان قاعدا . قال : وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور فإنه جوزه ووافقه أبو الفرج المالكي ، وهذا الذي قاله ضعيف لوجهين : أحدهما أنا قدمنا عنه أن المراد بهذا النداء الإعلام بالصلاة لا الأذان المعروف ، والثاني أن المراد قم فاذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة ليسمعك الناس من البعد ، وليس فيه تعرض للقيام في حال الأذان ، لكن يحتج للقيام في الأذان بأحاديث معروفة غير هذا .
وأما قوله : مذهب العلماء كافة أن القيام واجب فليس كما قال ، بل مذهبنا [ ص: 61 ] المشهور أنه سنة ، فلو أذن قاعدا بغير عذر صح أذانه لكن فاتته الفضيلة ، وكذا لو أذن مضطجعا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح لأن المراد الإعلام وقد حصل ، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء . والله أعلم .
قال أصحابنا : فلو وجدنا مؤذنا حسن الصوت يطلب على أذانه رزقا وآخر يتبرع بالأذان لكنه غير حسن الصوت ، فأيهما يؤخذ؟ فيه وجهان : أصحهما يرزق حسن الصوت ، وهو قول ابن شريح . والله أعلم .
وذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء : إظهار شعار الإسلام ، وكلمة التوحيد ، والإعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها ، والدعاء إلى الجماعة . والله أعلم .