والواجب عند أصحابنا اللهم صل على محمد ، وما زاد عليه سنة ، ولنا وجه شاذ أنه يجب الصلاة على الآل وليس بشيء . والله أعلم .
واختلف العلماء في آل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أقوال : أظهرها وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين أنهم جميع الأمة ، والثاني بنو هاشم وبنو المطلب ، والثالث أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - وذريته . والله أعلم .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=17212نعيم بن عبد الله المجمر ) هو بضم الميم وإسكان الجيم وكسر الميم . وقد تقدم بيانه وسبب تسميته المجمر ، وأنه صفة لنعيم أو لأبيه في أول كتاب الوضوء .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري ) هو البدري ، واسمه عقبة بن عمر ، وتقدم في آخر المقدمة وفي غيره .
قال القاضي : ويحتمل أن يكون سؤالهم عن كيفية الصلاة في غير الصلاة ، ويحتمل أن يكون في الصلاة . قال : وهو الأظهر ، قلت : وهذا ظاهر اختيار مسلم ، ولهذا ذكر هذا الحديث في هذا الموضع .
قوله : ( فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تمنينا أنه لم يسأله ) معناه كرهنا سؤاله مخافة من أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كره سؤاله وشق عليه .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( والسلام كما قد علمتم ) معناه قد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام علي فأما الصلاة فهذه صفتها ، وأما السلام فكما علمتم في التشهد وهو قولهم : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . وقوله : ( علمتم ) هو بفتح العين وكسر اللام المخففة . ومنهم من رواه بضم العين وتشديد اللام أي علمتموه . وكلاهما صحيح .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ) قال العلماء معنى البركة هنا الزيادة من الخير والكرامة ، وقيل : هو بمعنى التطهير والتزكية ، واختلف العلماء في الحكمة في قوله اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم مع أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - أفضل من إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - قال القاضي عياض - رضي الله عنه - : أظهر الأقوال أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - سأل ذلك لنفسه ولأهل بيته ليتم النعمة عليهم كما أتمها على إبراهيم وعلى آله . وقيل : بل سأل ذلك لأمته ، وقيل : بل ليبقى ذلك له دائما إلى يوم القيامة ، ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : كان ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل : سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم . هذا كلام القاضي . والمختار في ذلك أحد ثلاثة أقوال :
أحدها حكاه بعض أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - أن معناه صل على محمد وتم الكلام هنا ، ثم استأنف : وعلى آل محمد أي وصل على آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، فالمسئول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا نفسه .
القول الثاني معناه اجعل لمحمد وآله صلاة منك كما جعلتها لإبراهيم وآله فالمسئول المشاركة في أصل الصلاة لا قدرها .
القول الثالث أنه على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة التي لإبراهيم [ ص: 96 ] وآله والمسئول مقابلة الجملة فإن المختار في الآل كما قدمناه أنهم جميع الأتباع ويدخل في آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء ، ولا يدخل في آل محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي فطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء . والله أعلم .
قال القاضي عياض : ولم يجئ في هذه الأحاديث ذكر الرحمة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وقع في بعض الأحاديث الغريبة قال : واختلف شيوخنا في جواز الدعاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحمة ، فذهب بعضهم وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=13332أبي عمر بن عبد البر إلى أنه يقال ، وأجازه غيره ، وهو مذهب أبي محمد بن أبي زيد ، وحجة الأكثرين تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عليه وليس فيها ذكر الرحمة ، والمختار أنه لا يذكر الرحمة .
وقوله : ( وبارك على محمد وعلى آل محمد ) قيل : البركة هنا الزيادة من الخير والكرامة ، وقيل : الثبات على ذلك ، من قولهم بركت الإبل أي ثبتت على الأرض ، ومنه بركة الماء ، وقيل : التزكية والتطهير من العيوب كلها .
وقوله : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد احتج به من أجاز الصلاة على غير الأنبياء ، وهذا مما اختلف العلماء فيه ، فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهما الله تعالى والأكثرون : لا يصلي على غير الأنبياء استقلالا فلا يقال : اللهم صل على أبي بكر ، أو عمر ، أو علي ، أو غيرهم ولكن يصلي عليهم تبعا فيقال : اللهم صل [ ص: 97 ] على محمد ، وآل محمد ، وأصحابه ، وأزواجه ، وذريته ، كما جاءت به الأحاديث .
وقال أحمد وجماعة : يصلى على كل واحد من المؤمنين مستقلا واحتجوا بأحاديث الباب ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3504706اللهم صل على آل أبي أوفى ، وكان إذا أتاه قوم بصدقتهم صلى عليهم . قالوا : وهو موافق لقول الله تعالى : هو الذي يصلي عليكم وملائكته واحتج الأكثرون بأن هذا النوع مأخوذ من التوقيف ، واستعمال السلف ، ولم ينقل استعمالهم ذلك بل خصوا به الأنبياء كما خصوا الله تعالى بالتقديس والتسبيح ، فيقال : قال الله سبحانه وتعالى ، وقال الله تعالى ، وقال عز وجل ، وقال جلت عظمته ، وتقدست أسماؤه ، وتبارك وتعالى ، ونحو ذلك ولا يقال : قال النبي عز وجل ، وإن كان عزيزا جليلا ولا نحو ذلك ، وأجابوا عن قول الله - عز وجل - هو الذي يصلي عليكم وملائكته وعن الأحاديث بأن ما كان من الله - عز وجل - ورسوله فهو دعاء وترحم ، وليس فيه معنى التعظيم والتوقير الذي يكون من غيرهما . وأما الصلاة على الآل والأزواج والذرية فإنما جاء على التبع لا على الاستقلال ، وقد بينا أنه يقال تبعا لأن التابع يحتمل فيه ما لا يحتمل استقلالا .
واختلف أصحابنا في الصلاة على غير الأنبياء هل يقال : هو مكروه ، أو هو مجرد ترك أدب؟ والصحيح المشهور أنه مكروه كراهة تنزيه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد الجويني : والسلام في معنى الصلاة فإن الله تعالى قرن بينهما فلا يفرد به غائب غير الأنبياء فلا يقال أبو بكر وعمر وعلي عليهم السلام وإنما يقال ذلك خطابا للأحياء والأموات فيقال : السلام عليكم ورحمة الله . والله أعلم .