باب القراءة في العشاء [ ص: 135 ] [ ص: 136 ] فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب : ( أن معاذا - رضي الله عنه - كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يأتي فيؤم قومه ، فصلى ليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ، ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة ، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف ، فقالوا أنافقت؟ . . . إلى آخره ) في هذا الحديث جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لأن معاذا كان يصلي الفريضة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسقط فرضه ، ثم يصلي مرة ثانية بقومه هي له تطوع لهم فريضة ، وقد جاء هكذا مصرحا به في غير مسلم ، وهذا جائز عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - وآخرين ، ولم يجزه ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة - رضي الله عنهم - ، والكوفيون ، وتأولوا حديث معاذ - رضي الله عنه - على أنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفلا ، ومنهم من تأوله على أنه لم يعلم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومنهم من قال : حديث معاذ كان في أول الأمر ثم نسخ ، وكل هذه التأويلات دعاوى لا أصل لها فلا يترك ظاهر الحديث بها .
واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أنه يجوز للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا وإن لم يخرج منها ، وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه لأصحابنا : أصحها أنه يجوز لعذر ولغير عذر ، والثاني لا يجوز مطلقا ، والثالث يجوز لعذر ولا يجوز لغيره ، وعلى هذا : العذر هو ما يسقط به عنه الجماعة ابتداء ويعذر في التخلف عنها بسببه ، وتطويل القراءة عذر على الأصح لقصة معاذ رضي الله عنه ، وهذا الاستدلال ضعيف لأنه ليس في الحديث أنه فارقه وبنى على صلاته ، بل في الرواية الأولى أنه سلم وقطع الصلاة من أصلها ، ثم استأنفها ، وهذا لا دليل فيه للمسألة المذكورة ، وإنما يدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر . والله أعلم .
قوله : ( فافتتح بسورة البقرة ) فيه جواز قول سورة البقرة وسورة النساء وسورة المائدة ونحوها ومنعه بعض السلف وزعم أنه لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها البقرة ونحو هذا ، وهذا خطأ صريح ، والصواب جوازه ، فقد ثبت ذلك في الصحيح في أحاديث كثيرة من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلام الصحابة والتابعين وغيرهم ، ويقال : سورة بلا همزة وبالهمزة لغتان ذكرهما nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة وغيره ، وترك الهمزة هنا هو المشهور الذي جاء به القرآن العزيز ، ويقال : قرأت السورة ، وقرأت بالسورة ، وافتتحتها ، وافتتحت بها .
[ ص: 137 ] قوله : ( إنا أصحاب نواضح ) هي الإبل التي يستقى عليها جمع ناضح ، وأراد إنا أصحاب عمل وتعب ، فلا نستطيع تطويل الصلاة .