وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع ، هو نحو ثلثي ذراع ، ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا وشرط مالك - رحمه الله تعالى - أن يكون في غلظ الرمح .
قال العلماء : والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ، ومنع من يجتاز بقربه ، واستدل القاضي عياض - رحمه الله تعالى - بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلي لا يكفي قال : وإن كان قد جاء به حديث وأخذ به nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - فهو ضعيف واختلف فيه فقيل : يكون مقوسا كهيئة المحراب ، وقيل قائما بين يدي المصلي إلى القبلة ، وقيل من جهة يمينه إلى شماله . قال : ولم ير مالك - رحمه الله تعالى - ولا عامة الفقهاء الخط . هذا كلام القاضي ، وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب ، واختلف قول [ ص: 162 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - فيه فاستحبه في سنن حرملة وفي القديم ، ونفاه في البويطي ، وقال جمهور أصحابه باستحبابه ، وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط . والله أعلم .
قال أصحابنا : ينبغي له أن يدنو من السترة ، ولا يزيد ما بينهما على ثلاث أذرع ، فإن لم يجد عصا ونحوها جمع أحجارا أو ترابا أو متاعه ، وإلا فليبسط مصلى ، وإلا فليخط الخط ، وإذا صلى إلى سترة منع غيره من المرور بينه وبينها ، وكذا يمنع من المرور بينه وبين الخط ، ويحرم المرور بينه وبينها ، فلو لم يكن سترة أو تباعد عنها فقيل : له منعه ، والأصح أنه ليس له لتقصيره ، ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه ، لكن يكره ، ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويقف فيها لتقصير أهل الصف الثاني بتركها ، والمستحب أن يجعل السترة عن يمينه أو شماله ولا يضم لها . والله أعلم .