قال القاضي عياض : وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح ، ولا ما يؤدي إلى هلاكه ، فإن دفعه بما يحوز فهلك من ذلك [ ص: 167 ] فلا قود عليه باتفاق العلماء ، وهل يجب ديته أم يكون هدرا؟ فيه مذهبان للعلماء ، وهما قولان في مذهب مالك - رضي الله عنه - . قال : واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته ، بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه ، ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد في الرواية التي بعد هذه nindex.php?page=hadith&LINKID=3504822إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ، فليدفع في نحره ، فإن أبى فليقاتله قال : وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده ، وإنما يدفعه ويرده من موقفه ، لأن مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه ، وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه ، ولهذا أمر بالقرب من سترته ، وإنما يرده إذا كان بعيدا منه بالإشارة والتسبيح . قال : وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مرورا ثانيا إلا شيئا روي عن بعض السلف أنه يرده وتأوله بعضهم .
هذا آخر كلام القاضي - رحمه الله تعالى - ، وهو كلام نفيس والذي قاله أصحابنا أنه يرده إذا أراد المرور بينه وبين سترته بأسهل الوجوه ، فإن أبى فبأشدها ، وإن أدى إلى قتله فلا شيء عليه كالصائل عليه لأخذ نفسه أو ماله ، وقد أباح له الشرع مقاتلته ، والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإنما هو شيطان ) قال القاضي : قيل : معناه إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان ، وقيل : معناه يفعل فعل الشيطان ؛ لأن الشيطان بعيد من الخير وقبول السنة ، وقيل : المراد بالشيطان القرين كما جاء في الحديث الآخر ( فإن معه القرين ) . والله أعلم .