قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وائتوني بأنبجانية ) قال القاضي عياض : رويناه بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء وكسرها أيضا في غير مسلم ، وبالوجهين ذكرها ثعلب قال : ورويناه بتشديد الياء في آخره وبتخفيفها معا في غير مسلم ، إذ هو في رواية لمسلم بأنبجانية مشدد مكسور على الإضافة إلى أبي جهم وعلى التذكير ، كما جاء في الرواية الأخرى : ( كساء له أنبجانيا ) . قال ثعلب : هو كل ما كثف . قال غيره : هو كساء غليظ لا علم له فإذا كان للكساء علم فهو خميصة ، فإن لم يكن فهو أنبجانية . وقال الداودي : هو كساء غليظ بين الكساء والعباءة . وقال القاضي أبو عبد الله هو كساء سداه قطن أو كتان ولحمته صوف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : إنما هو ( منبجاني ) ولا يقال أنبجاني منسوب إلى منبج وفتح الباء في النسب لأنه خرج مخرج الشذوذ ، وهو قول الأصمعي قال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : ما قاله ثعلب أظهر ، والنسب إلى ( منبج ) منبجي .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( شغلتني أعلام هذه ) وفي الرواية الأخرى : ( ألهتني ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : ( فأخاف أن [ ص: 208 ] تفتني ) معنى هذه الألفاظ متقارب وهو اشتغال القلب بها عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع . ففيه الحث على حضور القلب في الصلاة وتدبر ما ذكرناه ومنع النظر من الامتداد إلى ما يشغل وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به ، وكراهية تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه وغير ذلك من الشاغلات ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى . وفيه أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر في شاغل ونحوه مما ليس متعلقا بالصلاة ، وهذا بإجماع الفقهاء . وحكي عن بعض السلف والزهاد ما لا يصح عمن يعتد به في الإجماع .
قال أصحابنا : يستحب له النظر إلى موضع سجوده ، ولا يتجاوزه . قال بعضهم : يكره تغميض عينيه ، وعندي لا يكره إلا أن يخاف ضررا . وفيه : صحة الصلاة في ثوب له أعلام ، وأن غيره أولى . وأما بعثه - صلى الله عليه وسلم - بالخميصة إلى أبي جهم وطلب أنبجانية فهو من باب الإدلال عليه لعلمه ، بأنه يؤثر هذا ويفرح به . والله أعلم . واسم أبي جهم هذا : عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي . قال nindex.php?page=showalam&ids=11797الحاكم أبو أحمد : ويقال اسمه : عبيد بن حذيفة ، وهو غير أبي جهيم - بضم الجيم وزيادة ياء على التصغير - المذكور في باب التيمم ، وفي مرور المار بين يدي المصلي ، وقد سبق بيانه في موضعه .