قال القاضي عياض - رضي الله عنه - : قال الفقيه أبو محمد الخشني : صوابه ( وفرش قدمه اليسرى ) ، ثم أنكر القاضي قوله ؛ لأنه قد ذكر في هذه الرواية ما يفعل باليسرى ، وأنه جعلها بين فخذه وساقه قال : ولعل صوابه ( ونصب قدمه اليمنى ) قال : وقد تكون الرواية صحيحة في اليمنى ، ويكون معنى فرشها أنه لم ينصبها على أطراف أصابعه في هذه المرة ، ولا فتح أصابعها كما كان يفعل في غالب الأحوال . هذا كلام القاضي .
وهذا التأويل الأخير الذي ذكره هو المختار ، ويكون فعل هذا لبيان الجواز ، وأن وضع أطراف الأصابع على الأرض وإن كان مستحبا يجوز تركه . وهذا التأويل له نظائر كثيرة لا سيما في باب الصلاة ، وهو أولى من تغليط رواية ثابتة في الصحيح ، واتفق عليها جميع نسخ مسلم ، وقد سبق اختلاف العلماء في أن الأفضل في الجلوس في التشهدين التورك أم الافتراش؟
[ ص: 235 ] فمذهب مالك وطائفة : تفضيل التورك فيهما لهذا الحديث . ومذهب أبي حنيفة وطائفة : تفضيل الافتراش . ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - وطائفة : يفترش في الأول ويتورك في الأخير ؛ لحديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي ورفقته في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وهو صريح في الفرق بين التشهدين .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله تعالى - : والأحاديث الواردة بتورك أو افتراش مطلقة لم يبين فيها أنه في التشهدين أو أحدهما ، وقد بينه أبو حميد ورفقته ووصفوا الافتراش في الأول والتورك في الأخير ، وهذا مبين ، فوجب حمل ذلك المجمل عليه . والله أعلم .
وأما قوله : ( ووضع يده اليسرى على ركبته ) ، وفي رواية ، ( ويلقم كفه اليسرى ركبته ) فهو دليل على استحباب ذلك . وقد أجمع العلماء على استحباب وضعها عند الركبة أو على الركبة ، وبعضهم يقول بعطف أصابعها على الركبة وهو معنى قوله : ويلقم كفه اليسرى ركبته ، والحكمة في وضعها عند الركبة منعها من العبث ، وأما قوله : ( ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ) مجمع على استحبابه .