[ ص: 186 ] قوله : ( هداب بن خالد ) هو بفتح الهاء وتشديد الدال المهملة وآخره باء موحدة . ويقال ( هدبة ) بضم الهاء وإسكان الدال . وقد ذكره مسلم - رحمه الله - في مواضع من الكتاب . يقول في بعضها هدبة ، وفي بعضها ( هداب ) ، واتفقوا على أن أحدهما اسم والآخر لقب . ثم اختلفوا في الاسم منهما فقال nindex.php?page=showalam&ids=14050أبو علي الغساني ، وأبو محمد عبد الله بن الحسن الطبسي ، وصاحب المطالع ، nindex.php?page=showalam&ids=14774والحافظ عبد الغني المقدسي المتأخر : هدبة هو الاسم وهداب لقب . وقال غيرهم : هداب اسم nindex.php?page=showalam&ids=17233وهدبة لقب . واختار الشيخ أبو عمرو هذا ، وأنكر الأول . وقال أبو الفضل الفلكي الحافظ : إنه كان يغضب إذا قيل له هدبة . وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه ، فقال : هدبة بن خالد ، ولم يذكره هدابا . فظاهره أنه اختار أن هدبة هو الاسم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري أعرف من غيره فإنه شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم رحمهم الله أجمعين . والله أعلم .
قوله : ( ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل ) أراد المبالغة في شدة قربه ليكون أوقع في نفس سامعه لكونه أضبط . وأما ( مؤخرة الرحل ) فبضم الميم بعده همزة ساكنة ثم خاء مكسورة هذا هو الصحيح وفيه لغة أخرى ( مؤخرة ) فتح الهمزة والخاء المشددة . قال القاضي عياض - رحمه الله - أنكر nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة فتح الخاء . وقال ثابت : مؤخرة الرحل ومقدمته بفتحهما ، ويقال آخرة الرحل بهمزة ممدودة وهذه أفصح وأشهر . وقد جمع الجوهري في صحاحه فيها ست لغات فقال : في قادمتي الرحل ست لغات : مقدم ومقدمة بكسر الدال مخففة ومقدم ومقدمة بفتح الدال مشددة وقادم وقادمة . قال : وكذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل . وهي العود الذي يكون خلف الراكب . ويجوز في ( يا معاذ بن [ ص: 187 ] جبل ) وجهان لأهل العربية أشهرهما وأرجحهما فتح معاذ والثاني ضمه . ولا خلاف في نصب ابن .
وقوله : ( لبيك وسعديك ) في معنى لبيك أقوال نشير هنا إلى بعضها ، وسيأتي إيضاحها في كتاب الحج إن شاء الله تعالى . والأظهر أن معناها إجابة لك بعد إجابة للتأكيد . وقيل : معناه قربا منك وطاعة لك . وقيل : أنا مقيم على طاعتك ، وقيل : محبتي لك . وقيل غير ذلك . ومعنى سعديك أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة . وأما تكريره - صلى الله عليه وسلم - نداء معاذ - رضي الله عنه - فلتأكيد الاهتمام بما يخبره ، وليكمل تنبه معاذ فيما يسمعه . وقد ثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لهذا المعنى . والله أعلم .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=753814هل تدري ما حق الله على العباد ؟ وهل تدري ما حق العباد على الله تعالى ) قال صاحب التحرير اعلم أن الحق كل موجود متحقق أو ما سيوجد لا محالة والله سبحانه وتعالى هو الحق الموجود الأزلي الباقي الأبدي والموت والساعة والجنة والنار حق لأنها واقعة لا محالة وإذا قيل للكلام الصدق حق فمعناه أن الشيء المخبر عنه بذلك الخبر واقع متحقق لا تردد فيه ، وكذلك الحق المستحق على العبد من غير أن يكون فيه تردد وتحير . فحق الله تعالى على العباد معناه ما يستحقه عليهم متحتما عليهم وحق العباد على الله تعالى معناه أنه متحقق لا محالة . هذا كلام صاحب التحرير وقال غيره : إنما قال حقهم على الله تعالى على جهة المقابلة لحقه عليهم ، ويجوز أن يكون من نحو قول الرجل لصاحبه حقك واجب علي أي متأكد قيامي به . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=753815حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام . والله أعلم .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) فقد تقدم في أواخر الباب الأول من كتاب الإيمان بيانه ، ووجه الجمع بين هذين اللفظين . والله أعلم .