قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) . وفي رواية ( من أدرك ركعة من الصبح [ ص: 252 ] قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) أجمع المسلمون على أن هذا ليس على ظاهره ، وأنه لا يكون بالركعة مدركا لكل الصلاة ، وتكفيه وتحصل براءته من الصلاة بهذه الركعة ، بل هو متأول ، وفيه إضمار تقديره فقد أدرك حكم الصلاة أو وجوبها أو فضلها .
قال أصحابنا : يدخل فيه ثلاث مسائل . إحداها : إذا أدرك من لا يجب عليه الصلاة ركعة من وقتها لزمته تلك الصلاة ، وذلك في الصبي يبلغ ، والمجنون والمغمى عليه يفيقان ، والحائض والنفساء تطهران ، والكافر يسلم . فمن أدرك من هؤلاء ركعة قبل خروج وقت الصلاة لزمته تلك الصلاة ، وإن أدرك دون ركعة كتكبيرة ففيه قولان nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي - رحمه الله تعالى - : أحدهما : لا تلزمه ؛ لمفهوم هذا الحديث ، وأصحهما عند أصحابنا : تلزمه ؛ لأنه أدرك جزءا منه فاستوى قليله وكثيره ، ولأنه يشترط قدر الصلاة بكمالها بالاتفاق فينبغي ألا يفرق بين تكبيرة وركعة . وأجابوا عن الحديث بأن التقييد بركعة خرج على الغالب ، فإن غالب ما يمكن معرفة إدراكه ركعة ونحوها ، وأما التكبيرة فلا يكاد يحس بها . وهل يشترط مع التكبيرة أو الركعة إمكان الطهارة فيه وجهان لأصحابنا أصحهما : أنه لا يشترط .
المسألة الثانية : إذا دخل في الصلاة في آخر وقتها ، فصلى ركعة ثم خرج الوقت ؛ كان مدركا لأدائها ويكون كلها أداء . وهذا هو الصحيح عند أصحابنا ، وقال بعض أصحابنا : يكون كلها قضاء ، وقال بعضهم : ما وقع في الوقت أداء وما بعده قضاء . وتظهر فائدة الخلاف في مسافر نوى القصر وصلى ركعة في الوقت وباقيها بعده ، فإن قلنا : الجميع أداء ، فله قصرها ، وإن قلنا : كلها قضاء أو بعضها ؛ وجب إتمامها أربعا ، إن قلنا : إن فائتة السفر إذا قضاها في السفر يجب إتمامها ، هذا كله إذا أدرك ركعة في الوقت ، فإن كان دون ركعة فقال بعض أصحابنا : هو كالركعة . وقال الجمهور : يكون كلها قضاء ، واتفقوا على [ ص: 253 ] أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت ، وإن قلنا : إنها أداء وفيه احتمال nindex.php?page=showalam&ids=14048لأبي محمد الجويني على قولنا : أداء وليس بشيء . المسألة الثالثة : إذا أدرك المسبوق مع الإمام ركعة كان مدركا لفضيلة الجماعة بلا خلاف ، وإن لم يدرك ركعة بل أدركه قبل السلام بحيث لا يحسب له ركعة ، ففيه وجهان لأصحابنا : أحدهما : لا يكون مدركا للجماعة لمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3504946من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة ، والثاني - وهو الصحيح وبه قال جمهور أصحابنا - : يكون مدركا لفضيلة الجماعة ؛ لأنه أدرك جزءا منه ، ويجاب عن مفهوم الحديث بما سبق قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=3504947من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر . هذا دليل صريح في أن من صلى ركعة من الصبح أو العصر ثم خرج الوقت قبل سلامه لا تبطل صلاته بل يتمها وهي صحيحة ، وهذا مجمع عليه في العصر . وأما في الصبح فقال به مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد والعلماء كافة إلا أبا حنيفة - رضي الله عنه - فإنه قال : تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها ؛ لأنه دخل وقت النهي عن الصلاة بخلاف غروب الشمس . والحديث حجة عليه .